مشارق أنوار اليقين - الحافظ رجب البرسي - الصفحة ٩٨
حقيقة لأن الطاعة بالحقيقة حب علي المضاف إليها سائر الأعمال، فمن أحب عليا فقد أطاع الله، ومن أطاع الله نجا، فمن أحب عليا فقد نجا، فاعلم: أن حب علي الإيمان، وبغضه الكفر (1)، وليس هناك إلا محب ومبغض، فمحبه لا سيئة له فلا حساب عليه ومن لا حساب عليه فالجنة داره، ومبغضه لا إيمان له، ومن لا إيمان له لا ينظر الله إليه فطاعته عين المعصية فعدوه هالك، وإن جاء بحسنات العباد بين يديه، ووليه ناج ولو كان في الذنوب إلى شحمتي أذنيه، وأين الذنوب مع الإيمان المنير؟ أم أين من السيئات مع وجود الإكسير؟ فمبغضه من العذاب لا يقال، ومحبه لا يوقف ولا يقال، فطوبى لأوليائه وسحقا لأعدائه.
يؤيد هذا ما رواه ابن عباس، قال: جاء رجل إلى رسول الله فقال: يا رسول الله أينفعني حب علي في معادي؟ فقال له النبي صلى الله عليه وآله: لا أعلم حتى أسأل جبرائيل، فنزل جبرائيل مسرعا فقال له النبي صلى الله عليه وآله: أينفع هذا حب علي؟ فقال: لا أعلم حتى أسأل إسرافيل، ثم ارتفع فسأل إسرافيل، فقال: لا أعلم حتى أناجي رب العزة، فأوحى الله إلى إسرافيل قل لجبرائيل يقل لمحمد: أنت مني حيث شئت، وأنا وعلي منك حيث أنت مني، ومحب علي مني حيث علي منك (2).
يؤيد هذا ما رواه الرازي في كتابه مرفوعا إلى ابن عباس قال: إذا كان يوم القيامة أمر الله مالكا أن يسعر النار، وأمر رضوان أن يزخرف الجنة ثم يمد الصراط، وينصب ميزان العدل تحت العرش، وينادي مناد: يا محمد قرب أمتك إلى الحساب، ثم يمد على الصراط سبع قناطر بعد كل قنطرة سبعة آلاف سنة، وعلى كل قنطرة ملائكة يتخطفون الناس فلا يمر على هذه القناطر إلا من والى عليا وأهل بيته، وعرفهم وعرفوه، ومن لم يعرفهم سقط في النار على أم رأسه ولو كان معه عبادة سبعين ألف (3) عابد لأنه لا يرجح في الحشر ميزان، ولا تثبت على الصراط قدم إنسان إلا بحب علي. وإليه الإشارة بقوله: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) (4) يعني في الدنيا وليه يغلب خصمه، وفي الآخرة يثبت قدمه، دليل ذلك ما رواه ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي ما ثبت حبك في قلب مؤمن إلا وثبت قدمه على الصراط حتى يدخله الجنة (5).

(١) بحار الأنوار: ٢٦ / ٢٦٣ ح ٤٨.
(٢) مائة منقبة: ٤٣، والجواهر السنية للحر العاملي: ٣٠٣.
ومدينة المعاجز ٤٣٨ تفاوت (٣) بحار الأنوار: ٣٩ / ٢٠٩ ح ٣٢.
(٤) إبراهيم: ٢٧.
(٥) بحار الأنوار: ٢٧ / 77 ح 8 بتفاوت بسيط.
(٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 ... » »»