لا يقال قوله تعالى: (ومن يضلل الله) إلى آخره هذه شرطية والشرطية لا تستلزم وقوع الطرفين كقوله تعالى: (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدنا) مع عدم وقوع أحدهما وذلك لأن المقصود نفس الملازمة والمقدم والتالي حال كونهما جزئي المتصلة ليسا بقضيتين بلا تعريضهما الوقوع وعدمه إلا باستثناء ولم يذكر وأيضا المقدم هو ومن يضلل الله وغير المعصوم لا يلزم أن يكون بإضلال الله ومطلق الاضلال أعم من إضلال الله تعالى واستلزام الخاص لأمر لا يستلزم استلزام العام إياه.
لأنا نقول: الجواب عن الأول إن المحذور الضلال وهو ممكن الوقوع فمن غير واجب العصمة هو بالامكان ومن غير المعصوم بالفعل واقع في الجملة منه بالفعل وأما صدور الاضلال من الله تعالى عند الإمامية والمعتزلة فمحال وأما عند أهل السنة فجائز واقع لأن كل واقع فاعله الله تعالى عندهم فلو كان الإمام غير معصوم بالفعل كان الضلال فيه موجودا فعند أهل السنة إنه منه تعالى فيكون المقدم واقعا وأما المعتزلة فالضلال هو المحذور سواء كان من الله تعالى أو من غيره فإنه هو المستلزم للتالي وهو الجواب عن الثاني فإن المستلزم للتالي هو الضلال فإن الضال ليس على طريق الصواب في ضلاله فإذا كان الإمام ضالا في شئ ما عرف منه أن عقله ونفسه لا يقتضي ركوب طريق الصواب لأن كلما جاز مجامعة النقيضين فإنه لا يصح أن يقتضي أحدهما بذاته بل بأمر زائد فإذا لم يعلم حصوله له لم يعلم ارتكابه لطريق الصواب وإذا جوز المكلف ذلك لم يبق له وثوق وقد ذكر هذا البحث مرارا وهو بديهي.
العاشر: قال الله تعالى: (بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) لا شئ من غير المعصوم كذلك بالفعل وكل إمام فهو كذلك بالضرورة فلا شئ من غير المعصوم بإمام بالضرورة عند قوم ودائما عند آخرين وهو المطلوب، أما الصغرى فلأن نفي الخوف والحزن يقتضي العموم في الأفراد والأزمان لأنه نكرة في معرض النفي وقد ثبت في أصول عمومه وإنما يكون عاما لو لم يخل