المعصوم وهو المطلوب وإن وجد فالله تعالى قد أضله فينتفي عنه كل هاد له لما تقدم من عموم قوله فما له من هاد في زمان من الأزمنة بل ينتفي عنه دائما لأن له نكرة ورد عليه النفي وكل نكرة ورد عليها النفي فهي للعموم فتعم في الأزمان والأشخاص، وأما استحالة اللازم فلما بينا من وجوب نصب الإمام أما عندنا فعقلا وأما عند أهل السنة فشرعا وبالجملة فقد تقدم البرهان على استحالته.
الحادي والستون: قوله تعالى: (هو الذي بعث في الأمين رسولا منهم) الآية وجه الاستدلال أن المراد من بعث الرسل التبليغ وإليه أشار بقوله تعالى: (يتلوا عليهم آياته ويزكيهم) بتطهير الظاهر بامتثال الأوامر الشرعية والنواهي السمعية والحكمة الخلقية بحيث لا يخل بواجب ولا يفعل قبيحا ثم بتزكية الباطن من الأخلاق الذميمة وتكميل قواهم النظرية بالعلم إلى أن يوصلهم إلى العقل المستفاد فإن امتنع من بعضهم ذلك فالامتناع من المكلف إما من عدم استعداده أو من تفريطه إماما يرجع إلى فعل الواجبات وترك القبائح كلها فكل ما لم يتمكن المكلف منه فليس بمكلف به وكل ما هو مكلف به فامتناعه عنه والإمام قائم مقام النبي ونائب منابه في ذلك كله فلا بد أن يكون فيه هذه الصفات كلها حتى يمكنه أن يؤثر في غير ذلك وذلك هو المعصوم لأنا لا نعني بالعصمة إلا ذلك.
الثاني والستون: قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون) كل غير معصوم يمكن له هذه الصفات ولا شئ من الإمام له هذه الصفات بالضرورة فلا شئ من غير المعصوم بإمام بالضرورة.
الثالث والستون: قوله تعالى: (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون) وجه الاستدلال من وجوه أحدها إنه تعالى نفى تعذيبهم والنبي فيهم كرامة للنبي عليه السلام فيكون النبي أكرم من أمته كلهم عند الله وقال تعالى: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم)، فيكون النبي أتقى كل الأمة وكل الأمة معصومة والأتقى من المعصوم معصوم فيكون