منتف بالضرورة لثبوت الإمام بإجماع الأمة ولوقوعه بالضرورة فتعين الثاني وكيف لا ويستحيل اجتماع جزئي مانعة الخلو على الكذب لا يقال هذا الدليل مبني على أن المراد بقوله تعالى لا ينال عهدي الظالمين السلب العام لا سلب العموم وحده والخطاب محتمل لهما فترجيحكم لما ذكرتم ترجيح بلا مرجح لأنا نقول مطلوب إبراهيم عليه السلام في قوله ومن ذريتي الموجبة الجزئية بالضرورة فإنه لم يطلب إن كل ذريته يكونون أئمة وقوله صريح في ذلك لا يحتاج إلى البيان فنفاها عن كل من ثبت له هذا الوصف فكان إبراهيم طلب الإمامة لبعض ذريته وأطلق وكان شرط الإمامة انتفاء هذا الوصف لأنه يعاندها فنفى الله له (لها) عمن ثبت له هذا الوصف بأنه لا يصلح ونقيض الموجبة الجزئية السالبة الكلية أعني عموم السلب لا سلب العموم.
الثاني والثمانون: قال الله تعالى: (ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين) الآية، وجه الاستدلال أنه حرم اتباع الشيطان بنهيه عنه ثم علل النهي بأنه يأمر بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون فيجب على المكلفين الاحتراز عمن يأمر بذلك مطلقا لوجود العلة وعدم طاعته واتباعه وغير المعصوم يمكن أن يأمر بذلك والممكن متساوي الطرفين ولا ترجيح وإن فرضنا حصول ترجيح فلا يحصل علم به بل إن فرض ظن فيمكن عند المكلفين أن يطابق ويمكن أن لا يطابق فيحصل للمكلف من اتباعه خوف ودفع الخوف الضرر واجب لما تقرر في الكلام فلا يجوز اتباعه فتنتفي فائدة الإمام ولأن اتباعه حينئذ ظني فهو قول على الله ما لا يعلمون لأن الظن يستلزم احتمال النقيض والعلم الجزم لا يحتمله وتنافي اللوازم يدل على تنافي الملزومات وقد نهي الله عنه فيكون اتباعه مستلزما للنهي عنه وكل ما استلزم النهي فهو منهي عنه فيكون اتباعه منهيا عنه فلو أمر به لزم تكليف ما لا يطاق وإذا نهى عن اتباع الإمام فأي فائدة فيه بل يمتنع نصبه بالمعنى الذي يراد من الإمام وهو أن يكون واجب الاتباع ويحرم عصيانه وتكون طاعته مساوية لطاعة النبي عليه السلام في وجوب الاتباع وهذا كله محال.