كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ٣٩١
السادس والخمسون: قوله تعالى: (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركت من السماء والأرض) التقوى لا تتم إلا بإمام معصوم كما تقدم تقريره غير مرة والمعصوم ليس من فعل المكلفين بل من فعل الله تعالى يفعل لطفا بالمعصوم وما يعلمه إلا الله تعالى ولا يتمكن الرعية من فعله ولا من العلم به فلو لم يفعل الله تعالى ما يصير المعصوم به معصوما وينصبه وينص عليه لكان تحريضه على ذلك ينزل منزلة العبث وكان ناقضا لغرضه تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
السابع والخمسون: قوله تعالى: (وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون) كل غير معصوم يمكن له هذه الصفات ولا شئ من الإمام يمكن له ذلك بالضرورة لأن الإمام إنما نصب لدفع ذلك فلو أمكن منه ذلك لم يأمن المكلف من امتثال أمره من حصوله في ذلك فلا يجزم بدفعه لذلك ولا يمكن إلا بالعصمة فلا شئ من غير المعصوم بإمام بالضرورة.
الثامن والخمسون: قوله تعالى: (من يضلل الله فلا هادي له) وجه الاستدلال يتوقف على مقدمات:
المقدمة الأولى: إن عدم المعلول لعدم علته فعدم العلة هي علة العدم.
المقدمة الثانية: إن الوهم هو سبب الضلال لأنه هو الذي يعارض العقل في كثير من المقدمات وغلبة الشهوات وسببها البعيد القوة الشهوانية فخلق الله تعالى العقل للمكلف بحيث يتمكن المكلف من إبطال قضايا الوهم الباطلة ومقتضى الشهوات والقوى الغضبية قد نراها في كثير من الناس يقهر عقله ويذعن لها أكثر وأعظم وإذا قايسنا المطيع لقواه الشهوية والغضبية والوهمية المرجح لها على القوة العقلية إلى مرجح القوة العقلية وجدنا الأول أكثر من الثاني بأضعاف مضاعفة وكل ذلك سبب عدم العصمة فلو لم يوجد رئيس معصوم يردع المطيع لقوته الشهوية ويلزم كل مكلف في كل وقت بالحق لزم الضلال.
(٣٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 386 387 388 389 390 391 392 393 394 395 396 ... » »»
الفهرست