فهذا جواب موجز: أي هذا الذي قلت إنما هو جواب مجمل عن بعض سؤالاتك وهو السؤال الثاني عن الحقائق الخمسة المصدرة بقوله ما الواحد المتكثر إلى آخر الخبر.
وأما الجواب المفصل: أي الجواب عن سؤالك الأول بأدنى تفصيل هو ما أقول:
أن الكفر كفران: وجه التقديم والتأخير في السؤال والجواب أن للسائل قوله قدس سره: وجه التقديم والتأخير... إلى آخره.
وأيضا إن الجواب عن طريق العلة جواب عن المعلول، فلان المعلول مندرج في العلة اندراج العقول التفصيلية في العقل البسيط.
وبعبارة أخرى: أن العلة صورة تمامية المعلول، وشيئية الشئ بصورته التامة، فالجواب عن الواحد المتكثر - الذي هو مقام العقل على تحقيق هذا العارف الكامل، ومقام المشية المطلقة على رأي هذا الفقير العاطل - جواب عن سائر الحقائق المسؤول عنها:
أما على طريقنا فظاهر، فإن المشية المطلقة مقام فاعلية الحق المتعال، وإلهية القيوم ذي الجلال، وقد ورد من طريق أهل بيت الوحي والتنزيل عليهم صلوات الرب الجليل: (خلق الله الأشياء بالمشية والمشية بنفسها) (1).
وأما على طريقته - قدس الله نفسه - فلأن العقل أول صادر من رب العزة وأول ظهور من مظاهر المشية، على ما ساق إليه البراهين العالية، وحقق كمال التحقيق في الحكمة المتعالية (2) وسائر مراتب الوجود من أنوار عالم الغيب والشهود صدورها بتوسطه، بل العقل صورة جميع العوالم وفعليتها، فالعلم بها علم بجميع العوالم، فافهم وكن من الراشدين.