الحقيقية الذهنية، موادها التأييدات العقلية، فعلها المعارف الربانية، سبب فراقها تحلل الآلات الجسمانية، فإذا فارقت عادت إلى ما منه بدأت عود مجاورة لا عود ممازجة).
فقال: ما النفس اللاهوتية الملكوتية؟
فقال عليه السلام: (قوة لاهوتية، وجوهرة بسيطة، حية بالذات أصلها العقل منه بدأت وعنه دعت، وإليه دلت وأشارت، وعودتها إليه إذا كملت وشابهت، ومنها بدت الموجودات وإليها تعود بالكمال، فهي ذات العليا وشجرة طوبى وسدرة المنتهى وجنة المأوى، من عرفها لم يشق أبدا، ومن جهلها ضل وغوى).
فقال السائل: ما العقل؟
قال عليه السلام: (جوهر دراك محيط بالأشياء من جميع جهاتها، عارف بالشئ قبل كونه، فهو علة للموجودات ونهاية المطالب) (1). صدق ولي الله.
تبيين حاشاي أن اجترئ على تفسير هذا الخبر، ونشر الأسرار التي في ذلك الأثر، لكن التعرض لتنقيح دلالات بعض الألفاظ لأجل التنبيه والإيقاظ.
فقوله في النفس الحيوانية: " بدء إيجادها عند الولادة الجسمانية " لعله أراد بالولادة الجسمانية هي تمامية جسم الجنين في الرحم مستعدا لظهور تلك القوة، وهي في الحقيقة تولد بتكون الأعضاء والقوى الحيوانية عندها، فيقبل ويستعد لإفاضة الروح الحيواني وظهوره من مكامن أستار الجسم الظلماني، وهو صفوة الحرارة الغريزية التي فاضت من الكواكب، وهي من جنس الأجرام العلوية كما هو مذهب أرسطو ومن تابعه (2). وإنما عبر عن هذه الإفاضة التي تكون بعد مضي أربعة أشهر من مسقط النطفة بالولادة لأنها