كما ينادي بذلك قولهم عليهم السلام: (نحن صنائع الله والخلق صنائع لنا) (1).
ويخطر بالبال لهذه الأقوال الثلاثة معنى آخر قوي عندي، وهو أن يكون مراد الإمام عليه السلام من قوله: " أي شئ تقول وممن تقول ولمن تقول " أن السؤال والمسؤول والمسؤول عنه إنما هي نشآت نوره ومعارج كمالاته، فبالحقيقة لا تغاير بينها، أو أن هذه الحقائق هي اعتبارات نور الأنوار بحسب المقامات، ومرايا نور وجهه الكريم على سعة وضيق الدرجات، وإلا فأين الشئ وأين المسؤول والمسؤول عنه في نظر أرباب المشاهدات؟! كما قيل في النظم الفارسي:
هم خود الست گويد وهم خود بلى كند.
بينا: اعلم أن " بينا " هي كلمة " بين " المشبعة (2) جئ بها للمفاجآت، وكثيرا ما يكون بعدها الجملة الإسمية، لكن يجب أن يكون جوابها مما يتفق وجوده في زمان تحقق مدخولها، بل يتسبب عن الذي بعدها، سواء كان من حتى يتجلى عليه بالأسماء المناسبة ويعرف الحقائق من أسبابها وبطريق اللم.
فقوله عليه السلام: " ممن تقول " أي من أية نفس غير مسلمة للمولى وغير قابلة للعلم بالحقائق تقول، ولأي شخص غير معروف عندك وغير خازن لبيت قلبك تقول، ومن أي شئ تسأل مع عدم قابليتك لفهم الحقائق وعرفانها، فتبصر.
قوله قدس سره: بل يتسبب... إلى آخره.
مجيئها للمفاجأة حق، ولكن تسبب مدخولها عن الذي بعدها غير معلوم بحسب موارد الاستعمال، وقد وجهنا الرواية بما لا يحتاج إلى هذا التكلف، فراجع وتبصر.