البدوية والعودية إلى أن تتأحد مع العقل الذي هو أصلها ومنه بدؤها وإليه عودها.
إيماض:
وأما وجه التعبير عن العقل بالواحد المتكثر وعن النفس بالمتكثر المتوحد؟
فلأن العقل أقرب إلى مرتبة الأحدية (1) الحقة من حيث الصدور، وأدنى من كبرياء التفرد والوحدانية من جهة الظهور، بل هو عبارة عن المرتبة الواحدية المتاخمة لمرتبة الأحدية.
وبعبارة أخرى: هو عالم الأسماء والصفات الإلهية باصطلاح علماء الطريقة (2) مع معاضدة تلويحات الأخبار المعصومية (3) فالأصل فيه الوحدة، وإنما التكثر باعتبار الإحاطة وبحسب الاشتمال على جميع معقولات الأشياء، والاحتواء بقاطبة حقائق الأسماء وعندنا هذا تكثر بالعرض وليس هذا تكثر بالحقيقة، لأن ما يعرض لا حكم له في العلوم فكيف بالعرض لما بالعرض، وأما النفس فلما كانت معلولة من معلول فليست تقرب من موطن الوحدة قرب العقل منه، فلا تكون بمثل تلك المثابة، بل هي أنزل منه في المرتبة، وأيضا لما كانت النفس تفعل بالمادة وهي مما يلزمها الكثرة والقسمة، وكذلك تفعل بالقوى والآلات المتضمنة (4) وتلك القوى منشأ الكثرة وإن كانت بالاعتبار والحيثية، فمن ذلك يعرضها الكثرة والعدة، وإنما التوحد باعتبار ما سترجع هي إليه في سير الأنوار من العقل الكلي الذي صدرت منه.