علم الراسخين، فتبصر.
وأما النفس فلما كانت متكثرة القوى متفننة الأفاعيل من حيث شأنها، مختلفة الأطوار بحسب نزولها وصعودها، وهي أيضا مبدأ الاثنين ومنها ظهرت الاثنينية، كما أشير إليه في الحكمة القديمة من أن النفس عدد متحرك والعقل عدد ساكن (1) فالكثرة فيها مع الذات لا في الذات، والوحدة فيها باعتبار أصلها ومن جهته تأحدها (2) في انتهاء سيرها ورجوعها إلى أصلها كما بينا.
تبيان:
ومما يؤكد ما أصلنا ويؤيد ما أسسنا ما روي عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه أنه سأله أعرابي عن النفس، فقال عليه السلام له: (عن أي الأنفس تسأل) والصفات (3) لا على زعم المعتزلة على ما حكي عنهم (4) فاعرف هذا فإنه باب واسع ينفتح منه أبواب كثيرة، وقد أشرنا إلى لمحة منها في شرح بعض الأدعية (5).
قوله: سأله أعرابي عن النفس... إلى آخره.
في هذا الخبر الشريف أسرار غريبة أشار إلى بعض منها ذلك العارف الكامل رضي الله عنه، ونحن نشير إلى لمحة منها بطريق الإجمال بعون الله المتعال، ويبقى الآخر تحت الأستار، ولعله يكشف على قلب أهله ولي الأسرار، فنقول:
في إفراد القوة في المواطن الأربعة إشارة خفية على ما هو التحقيق عند أصحاب