التعليقة على الفوائد الرضوية - القاضي سعيد القمي - الصفحة ٦٥
وهو كفر أهل العلم من المتكلمين والمتفلسفين وبعض المتصوفة وأكثر النصارى، حيث زعم الأولان أن الله غيب ويدل عليه بالآيات، والآخر أنه سبحانه يحل في هياكل الكمل كالمسيح وغيره من الأبرار (1) وزعم بعض الفرقة الثالثة أنه سبحانه تطور بلباس (2) الأكوان واختفى بها (3) وأن الممكنات عوارض الموجود الحقيقي الذي هو الله تعالى بزعمهم.
وقد رد عليهم سيد الشهداء عليه وعلى آبائه وأولاده شرائف الصلاة والثناء حيث قال في دعاء عرفة: (كيف يستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك، أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك، حتى يكون هو المظهر لك، متى غبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك، ومتى بعدت حتى تكون الآثار هي التي توصل إليك، عميت عين لا تراك ولا تزال عليه رقيبا) (4).
وأما البرهان على ذلك من طريق الإيجاز: فهو أن اختفاء شئ بشئ قوله: واختفى...
ليس مرادهم من اختفائه تعالى في ملابس الأكوان هو ما فهمه هذا العارف الجليل كما يظهر عند من تدبر في كلماتهم كمال التدبر، بل مرادهم احتجابه تعالى برهانه عن إدراك الخلائق وأوهامهم، كما ورد: (أن لله تعالى سبعين ألف حجاب من نور وسبعين ألف حجاب من ظلمة) (5) والوجود وإن كان به ظهور كل شئ وكان مشهودا لكل أحد، إلا أنه مع ذلك غير مدرك لأحد، وشهود الوجود المطلق أيضا لا يمكن إلا بكسر أصنام التعينات وخرق الحجب المظلمات.

١ - كشف المراد: ٢٢٧، شرح المقاصد ٤: ٥٧، جامع الأسرار ومنبع الأنوار: ٢١٨.
٢ - في نسخة " ل ": ظهر بطور بدل: تطور بلباس.
٣ - " بها " ساقطة في " ل ".
٤ - إقبال الأعمال: ٣٤٩.
٥ - بحار الأنوار ٥٥: ٣٤ / 10 - 12.
(٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 ... » »»
الفهرست