الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ١٩٤
وأشار عمر بقتلهم فمدحهما جميعا، فما الذي يمنع من كون القولين صوابا من المجتهدين، ومن الواحد في الحالين؟ وبعد فقد ثبت أن اجتهاد الحسن عليه السلام في طلب الإمامة كان بخلاف اجتهاد الحسين عليه السلام، لأنه سلم الأمر وتمكنه أكثر من تمكن الحسين (1) عليه السلام ولم يمنع ذلك من كونهما مصيبين... (2)).
يقال له: لا شك أن التلون في الأحكام، والرجوع من قضاء إلى قضاء، إنما يكون عيبا وطعنا إذا بطل الاجتهاد الذي تذهبون إليه، فأما لو ثبت لم يكن ذلك عيبا.
فأما الدعوى على أمير المؤمنين عليه السلام أنه ينتقل في الأحكام ورجع من مذهب إلى آخر فإنها غير صحيحة ولا نسلمه * ونحن ننازعه في ذلك كل النزاع، ونذهب إلى دفعه أشد الدفاع وهو لا ينازعنا في تلون صاحبه في الأحكام فلا يشتبه الأمران * (3) وأطهر ما روي في ذلك خبر أمهات الأولاد وقد سلف من كلامنا في هذا الكتاب ما فيه كفاية، وقلنا: إن مذهبه عليه السلام في بيعهن كان واحدا غير مختلف وإن كان قد وافق عمر في بعض الأحوال لضرب من الرأي فأما توليته لمن يرى خلاف رأيه، فليس ذلك لتسويغه الاجتهاد الذي تذهبون إليه، بل لما بيناه من قبل أنه عليه السلام كان غير متمكن من اختياره، وأنه كان يجري أكثر الأمور مجراها المتقدم للسياسة والتدبير، وهذا السبب في أنه لم يمنع من خالفه من الفتيا.

(1) غ " من تمكن الحسين عليه السلام لما اشتد في الطلب ".
(2) المغني 20 ق 2 / 19.
(3) ما بين النجمتين ساقط من نقل ابن أبي الحديد.
(١٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 ... » »»