الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ١٩٢
وأنهم لو لم يعيدوا الشهادة لكان يحدهم لا محالة، فغير معروف والظاهر المروي خلافه، وهو أن حدهم عند نكول زياد عن الشهادة، وأن ذلك كان السبب في إيقاع الحد بهم، وما تأول عليه قوله: لقد خفت أن يرميني الله بحجارة من السماء لا يليق بظاهر الكلام، لأنه يقتضي التندم والتأسف على تفريط وقع، ولم يخاف أن يرمي بالحجارة، وهو لم يدرء الحد عن مستحق له، ولو أراد الردع والتخويف للمغيرة لأتى بكلام يليق بذلك، ولا يقتضي إضافة التفريط إلى نفسه، وكونه واليا من قبله لا يقتضي أن يدرأ عنه الحد ويعدل به إلى غيره.
وأما قوله: (إنا ما كنا نعلم أن زيادا كان يتمم الشاهد) فقد بينا أن ذلك كان معلوما بالظاهر ومن قرأ ما روي في هذه القصة علم بلا شك أن حال زياد كحال الثلاثة في أنه إنما حضر ليشهد، وإنما عدل عنها لكلام عمر وقوله: (إن الشرع يبيحه السكوت) ليس بصحيح لأن الشرع قد حظر كتمان الشهادة.
فأما استدلاله على أن زياد لم يفسق بالامساك عن الشهادة، واستدل بتولية أمير المؤمنين له فارس فليس بشئ يعتمد لأنه لا يمتنع أن يكون قد تاب بعد ذلك. وأظهر توبته لأمير المؤمنين عليه السلام فجاز أن يوليه، وكان بعض أصحابنا يقول في قصة المغيرة شيئا طيبا، وإن كان معتمدا في باب الحجة كان يقول: إن زياد إنما امتنع من التصريح بالشهادة المطلوبة في الزنا وقد شهد أنه شاهده بين شعبها الأربع. وسمع نفسا عاليا فقد صح على المغيرة بشهادة الأربع وجلوسه منها مجلس الفاحشة إلى غير ذلك، من مقدمات الزنا وأسبابه، فألا ضم إلى جلد الثلاثة تعزير هذا الذي قد صح عنده بشهادة الأربع ما صح من الفاحشة من تعريك أذن أو ما يجري مجراه من خفيف التعزير ويسيره، وهل في العدول عن ذلك حتى كف
(١٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»