الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ١٩١
وقوله: (إن دفع الحد عن المغيرة ممكن ودفعه عن ثلاثة وقد شهدوا غير ممكن) طريف لأنه لو لم يلقن الشاهد الرابع الامتناع من الشهادة لا ندفع عن الثلاثة الحد فكيف لا تكون الحيلة ممكنة فيما ذكره؟ بل لو أمسك عن الاحتيال في الجملة لما لحق الثلاثة حد.
وقوله: (إن المغيرة يتصور بصورة زان لو تكاملت الشهادة وفي هذا من الفضيحة ما ليس في حد الثلاثة) غير صحيح لأن الحكم في الأمرين واحد لأن الثلاثة إذا ما حدوا يظن بهم الكذب وإن جوزوا أن يكونوا صادقين والمغيرة لو كملت الشهادة عليه بالزنا لظن ذلك به مع التجويز لأن يكون الشهود كذبة وليس في أحد الأمرين إلا ما في الآخر (1) وما روي عنه عليه السلام من أنه أتي بسارق فقال له: (لا تقر) إن كان صحيحا لا يشبه ما نحن فيه، لأنه ليس في دفع الحد عن السارق إيقاع غيره في المكروه، وقصة المغيرة تخالف هذا لما ذكرناه.
فأما قوله عليه السلام: (هلا قبل أن يأتيني به) فلا يشبه كل ما نحن فيه، لأنه بين أن ذلك القول كان يسقط الحد لو تقدم، وليس فيه تلقين يوجب إسقاط الحد.
فأما ما حكاه عن أبي علي من أن القذف من الثلاثة كان قد تقدم

(١) نقل ابن أبي الحديد كل ما أورده القاضي في هذه القضية ونفض المرتضى له في شرح نهج البلاغة ج ١٢ ص ٢٢٧ - 230.
وقال معقبا على ذلك بقوله: " أما المغيرة فلا شك أنه زنى بالمرأة ولكني لست أخطئ عمر في درء الحد عنه " ثم نقل تفصيل القصة من تاريخ الطبري، والأغاني لأبي الفرج الأصبهاني وعقب على ذلك بقوله: " إن الخبر بزناه كان شائعا مستفيضا " ثم قال: " وإنما قلنا في أن عمر لم يخطئ في درء الحد عنه، لأن الإمام يستحب له ذلك، وإن غلب على ظنه أنه يجب الحد عليه " ج 12 ص 241.
(١٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 ... » »»