نبتدءه بالكلام، وهذا لا يكون إلا ومن شدة التزمت (1) والتوقر، وما يخالف الدعابة والفكاهة، ومما تضمنته الشورى من المطاعن، أنه قال: لا أتحملها حيا وميتا، وهذا كان علة عدوله عن النص على واحد بعينه، وهو قول متلمس متخلص لا يفتات (2) على الناس في آرائهم ثم نقض هذا بأن نص على ستة من بين العالم كله، ثم رتب العدد ترتيبا مخصوصا يؤل إلى أن اختيار عبد الرحمن هو المقدم، وأي شئ يكون التحمل أكثر من هذا وأي فرق بين أن يتحملها بأن ينص على واحد بعينه، وبين أن يتحملها بما فعله من الحصر والترتيب!
ومن جملة المطاعن أنه أمر بضرب أعناقهم إن تأخروا عن البيعة أكثر من ثلاثة أيام، ومعلوم: أن بذلك لا يستحقون القتل، لأنهم إذا كانوا إنما كلفوا: أن يجتهدوا آراءهم في اختيار الإمام، فربما طال زمان الاجتهاد، وربما قصر بحسب ما يعرض فيه من العوارض، فأي معنى للأمر بالقتل، ثم أمر بقتل من يخالف الأربعة، وما يخالف العدد الذي فيه عبد الرحمن، وكل ذلك مما لا يستحق به القتل.
وأما تضعيف أبي علي لذكر القتل، فليس بحجة مع أن جميع من روى قصة الشورى روى ذلك، وقد ذكر ذلك الطبري في تاريخه (3) وغيره.
فأما تأوله الأمر بالقتل على أن المراد به إذا تأخر على طريق شق