الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ١٥٦
فأما ادعاؤه من ولاية الصلاة فقد بينا فيما تقدم أنه عليه السلام ما ولاه ذلك * ولا أمره به واستقصينا ذلك استقصاء يغني عن إعادته * (1) فأما فصله بين صلاته عليه السلام خلف عبد الرحمن وبين صلاة أبي بكر فليس بشئ، لأنا إذا كنا قد دللنا على أنه عليه السلام ما قدمه في الصلاة فقد استوى الأمران.
وبعد، فأي فرق بين أن يصلي خلفه وبين أن يوليه ويقدمه ونحن نعلم أن صلاته خلفه إقرار لولايته ورضا بها فقد عاد الأمر إلى أن عبد الرحمن كأنه قد صلى بأمره وإذنه على أن قصة عبد الرحمن أوكد لأنه قد اعترف بأن الرسول صلى الله عليه وآله صلى خلفه ولم يصل خلف أبي بكر، وإن ذهب كثير من الناس إلى أنه قدمه وأمره بالصلاة قبل خروجه عليه السلام إلى المسجد وتحامله (2).
فإن قيل: ليس يخلو النبي صلى الله عليه وآله من أن يكون سلم في الابتداء سورة براءة إلى أبي بكر بأمر الله تعالى أو باجتهاده ورأيه، فإن كان بأمر الله تعالى فكيف يجوز أن يرتجع منه السورة قبل وقت الأداء وعندكم أنه لا يجوز نسخ الشئ قبل وقت فعله وإن كان باجتهاده عليه السلام فعندكم أنه لا يجوز أن يجتهد فيما يجري هذا المجرى؟
قلنا: ما سلم السورة إلى أبي بكر إلا بإذنه تعالى إلا أنه لم يأمره بأدائها ولا كلفه قراءتها على أهل الموسم لأن أحدا لا يمكنه أن ينقل عنه عليه السلام في ذلك لفظ الأمر والتكليف فكأنه عليه السلام سلم إليه سورة براءة لتقرأها على أهل الموسم ولم يصرح باسم القارئ المبلغ لها في

(1) ما بين النجمتين ساقط من " شرح نهج البلاغة ".
(2) تحامل: تكلف الشئ على مشقة.
(١٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 ... » »»