وقوله: (إن أحدا لم يدع فضل أسامة عليهما) فليس الأمر على ما ظنه لأن من ذهب إلى فساد إمامة المفضول لا بد من أن يفضل أسامة عليهما فيما كان واليا فيه.
وأما ما ادعاه من السبب في دخول عمر في الجيش فما نعرفه ولا وقفنا عليه إلا من كتابه، ثم لو صح لم يغن شيئا لأن عمر لو كان أفضل من أسامة لمنعه الرسول صلى الله عليه وآله من الدخول في إمارته، والمسير تحت لوائه، والتواضع لا يقتضي فعل القبيح، وهذه جملة كافية.
قال صاحب الكتاب: (شبهة أخرى لهم. وأحد ما طعنوا به في أبي بكر أنه عليه السلام لم يوله الأعمال، وولى غيره عليه ولما ولاه الحج بالناس وأن يقرأ عليهم سورة براءة عزله عن ذلك، وجعل الأمر إلى أمير المؤمنين عليه السلام وقال: (لا يؤدي عني إلا أنا ورجل مني) حتى رجع أبو بكر إلى النبي صلى الله عليه وآله).
ثم أجاب عن ذلك أنه لو سلم [إنه لم يوله ما كان يدل على نقص ولا على أنه لا يصلح للإمارة والإمامة بل لو قيل:] (1) إنه لم يوله لحاجته إليه بحضرته وإن ذلك رفعة له لكان أقرب لا سيما وقد روى عنه صلى الله عليه وآله ما يدل على أنهما وزيراه فكان صلى الله عليه وآله محتاجا إليهما، وإلى رأيهما فلذلك لم يولهما، ولو كان للعمل على تركه فضل لكان عمرو ابن العاص وخالد بن الوليد وغيرهما أفضل من أكابر الصحابة لأنه صلى الله عليه وآله ولاهما وقدمهما وقد قدمنا أن توليته هي بحسب الصلاح، وقد يولي المفضول على الفاضل تارة والفاضل [على المفضول] أخرى وربما ولى الواحد لاستغنائه عنه بحضرته، وربما ولاه لاتصال بينه وبين من يولي