بالرأي، فإن كان معوله على ما روى عن عبيدة السلماني من أنه سأله عن بيع أمهات الأولاد، فقال كان رأيي ورأي عمر ألا يبعن ورأيي الآن أن يبعن إلى آخر الخبر، فقد تكلمنا على هذه الشبهة فيما مضى من الكتاب، وبينا أن الخبر مطعون فيه غير صحيح، ولو صح لم يدل على صحة القول بالرأي الذي يذهبون إليه لأن الرجوع من قول إلى قول قد يكون سببه الاجتهاد، ويكون أيضا سببه الرجوع إلى النصوص والأدلة القاطعة وبينا أنه عليه السلام في الحقيقة لم يكن قوله إلا واحدا في الحالين وإن أظهر في أحدهما خلاف مذهبه للتقية، وليس في إضافة القول إلى الرأي دلالة على أنه معول من غير جهة النص والأدلة القاطعة، لأن هذه اللفظة تفيد المذهب والاعتقاد واللذان يستندان إلى ضروب الأدلة، وقد يقال: فلان يرى القدر وفلان يرى العدل، وفلان من رأيه التشبيه وفلان من رأيه التوحيد، وليس شئ من ذلك من جهة الاجتهاد والظنون.
فأما مسألة الحرام والحد والمشتركة فلسنا نعلم ما شبهته في أنه عليه السلام قال فيها بالاجتهاد، فإن كان معوله على فقد النصوص التي لهذه الأحكام دخول فيها، وإنه لا وجه لقوله إلا من جهة الاجتهاد، فكل هذا تخيل لما لا أصل له، وليس إذا لم يعرف صاحب الكتاب طريقا في النصوص لهذه الأحكام لم يعرف ذلك غيره، وقد بينا في جواب أهل الموصل في هذا الموضع باستقصاء شديد، وكشفنا عن بطلان ادعائهم إجماع الصحابة على القول بالاجتهاد من وجوه شتى.
فأما دعواه على أمير المؤمنين عليه السلام أنه لم يعرف الحكم في عقل موالي صفية حتى قطع النزاع بينه وبين الزبير فيه عمر بن الخطاب، فطريف لأن أمير المؤمنين عليه السلام لم يسترشد في ذلك عمر، بل كان مصرحا بما يعتقده في هذه القضية وإنما حكم عمر بينه وبين الزبير في ذلك