الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ١٥٤
يقال له: قد بينا أن تركه عليه السلام الولاية لبعض أصحابه مع حضوره وإمكان ولايته والعدول عنه إلى غيره مع تطاول الزمان وامتداده لا بد من أن يقتضي غلبة الظن بأنه لا يصلح للولاية، فأما من يدعي (1) أنه لم يوله لافتقاره إليه بحضرته وحاجته إلى تدبيره ورأيه فقد بينا أنه صلى الله عليه وآله ما كان يفتقر إلى رأي أحد لكماله ورجحانه على كل واحد وإنما كان يشاور أصحابه على سبيل التعليم لهم والتأديب أو لغير ذلك مما قد ذكر.
وبعد، فكيف استمرت هذه الحاجة واتصلت منه إليهما، حتى لم يستغن في زمان من الأزمان عن حضورهما فيوليهما، وهل هذا إلا قدح في رأي الرسول صلى الله عليه وآله ونسبته إلى أنه كان ممن يحتاج إلى أن يلقن، ويوقف على كل شئ، وقد نزهه الله تعالى عن ذلك.
فأما ادعاؤه أن الرواية وردت بأنهما وزيراه، وقد كان يجب أن يصحح ذلك قبل أن يعتمده ويحتج به، فإنا ندفعه عنه أشد دفع.
فأما ولاية عمرو بن العاص وخالد بن الوليد فقد تكلمنا عليها من قبل، وبينا أن ولايتهما تدل على صلاحهما لما ولياه، ولا يدل على صلاحهما للإمامة، لأن شرائط الإمامة لم تتكامل فيهما، وبينا أيضا أن ولاية المفضول على الفاضل لا تجوز بخلاف ما ظنه صاحب الكتاب.
فأما تعظيمه واستكباره قول من يذهب إلى أن أبا بكر عزل عن أداء سورة براءة والموسم معا وجمعهما لأمير المؤمنين عليه السلام وجمعه بين ذلك في البعد وبين إنكار عباد أن يكون أمير المؤمنين عليه السلام ارتجع سورة

(1) ش " فأما ادعاؤه ".
(١٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 ... » »»