الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ١٥٥
براءة من أبي بكر، فأول ما فيه أنا لا ننكر أن يكون أكثر الأخبار واردة بأن أبا بكر حج بالناس في تلك السنة، إلا أنه قد روى قوم من أصحابنا خلاف ذلك، وأن أمير المؤمنين عليه السلام كان أمير الموسم في تلك السنة، وأن عزله الرجل كان عن الأمرين، فاستكبار ذلك وفيه خلاف لا معنى له.
فأما ما حكاه من عباد فإنا لا نعرفه ولا أظن أحد يذهب إلى مثله، وليس يمكنه بإزاء ذلك جحد مذهب أصحابنا الذي حكيناه، وليس عباد ولو صحت الحكاية عنه بإزاء من ذكرناه، فهو ملئ بالجهالات ودفع الضرورات.
وبعد، فلو سلمنا أن ولاية الموسم لم تفسخ لكان الكلام باقيا لأنه إذا كان ما ولي مع تطاول الزمان إلا هذه الولاية ثم سلب شطرها والأفخم الأعظم منها فليس ذلك إلا تنبيها على ما ذكرناه.
فأما ما حكاه عن أبي علي من أن عادة العرب أن لا يحل ما عقده الرئيس منهم إلا هو أو المتقدم من رهطه، فمعاذ الله أن يجري النبي صلى الله عليه وآله سنته وأحكامه على عادات الجاهلية، وقد بين عليه السلام سببه لما رجع إليه أبو بكر فسأله عن أخذ السورة منه، فقال: (أوحي إلي أن لا يؤدي إلا أنا أو رجل مني (1)) ولم يذكر ما ادعاه أبو علي على أن هذه العادة قد كان يعرفها النبي صلى الله عليه وآله قبل بعثة أبي بكر بسورة براءة فما باله لم يعتمدها في الابتداء ولم يبعث من يجوز أن يحل عقده من قومه.

(1) تقدم الكلام حول ذلك.
(١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»