الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ١٥٠
الكلمة، وليس يجري ذلك مجرى أكله وشربه ونومه، لأن ذلك لا تعلق له بالدين، فيجوز أن يكون عن رأيه (1) ولو جاز أن تكون مغازيه وبعوثه مع التعلق القوي لها بالدين عن اجتهاد لجاز ذلك في الاحكام ثم لو كان ذلك عن اجتهاد لما ساغت مخالفته فيه بعد وفاته، كما لا تسوغ في حياته فكل علة تمنع من أحد الأمرين تمنع من الأخرى.
فأما الاعتذار في حبس عمر عن الجيش بما ذكره فباطل لأنا قد بينا أن ما يأمر به عليه السلام لا يسوغ مخالفته مع الامكان، ولا مراعاة لما عساه يعرض فيه من رأى غيره، وأي حاجة إلى عمر بعد تمام العقد واستقراره ورضا الأمة به على مذهب المخالف وإجماع الأمة عليه، ولم يكن هناك فتنة ولا تنازع ولا اختلاف يحتاج فيه إلى مشاورته وتدبيره وكل هذا تعلل بالباطل.
فأما محاربة أمير المؤمنين عليه السلام معاوية فلم يكن مأمورا بها إلا مع التمكن ووجود الأنصار، وقد فعل عليه السلام ما وجب (2) عليه لما تمكن منه فأما مع التعذر وفقد الأنصار فما كان مأمورا وليس كذلك القول في جيش أسامة لأن تأخر من تأخر عنه كان مع القدرة والتمكن.
فأما تولية أبي موسى فلا ندري كيف يشبه ما نحن فيه لأنه إنما ولاه بأن يرجع إلى كتاب الله فيحكم بما يقتضيه فيه وفي خصمه بالشرط الذي ولاه عليه، وأبو موسى فعل خلاف ما جعل إليه، فلم يمكن ممتثلا لأمر من ولاه وكذلك خالد بن الوليد إنما خالف ما أمره الرسول صلى الله عليه وآله به فتبرأ من فعله وكل هذا لا يشبه أمره عليه السلام بتنفيذ جيش أسامة

(1) كيف وهو صلى الله عليه وآله في فعله وتقريره القدوة والأسوة.
(2) ش " من ذلك ما وجب ".
(١٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 ... » »»