الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ١٦٦
معكم، قلنا: فضعوا السلاح، فلما وضعوا ربطوا أسارى فأتوا بهم خالد ابن الوليد، فحدث أبو قتادة خالد بن الوليد بأن القوم نادوا بالاسلام، وأن لهم أمانا فلم يلتفت خالد إلى قوله، وأمر بقتلهم، وقسم سبيهم فحلف أبو قتادة ألا يسير تحت لواء خالد في جيش أبدا فركب فرسه شاذا (1) إلى أبي بكر وخبره بالقصة، وقال له: إني نهيت خالد عن قتله فلم يقبل قولي وأخذ بشهادة الأعراب الذين غرضهم الغنائم، وإن عمر لما سمع ذلك تكلم فيه عند أبي بكر وأكثر وقال: إن القصاص قد وجب عليه، فلما أقبل خالد بن الوليد قافلا دخل المسجد وعليه قباء له عليه صدأ الحديد معتجرا (2) بعمامة له قد غرز في عمامته سهما، فلما أن دخل المسجد قام إليه عمر فنزع الأسهم عن رأسه فحطمها، ثم قال: يا عدي نفسه (3) أعدوت على امرئ مسلم فقتلته، ثم نزوت على امرأته والله لأرجمنك بأحجارك، وخالد لا يكلمه ولا يظن إلا أن رأي أبي بكر مثل رأي عمر فيه، حتى دخل على أبي بكر واعتذر إليه فعذره وتجاوز عنه فخرج خالد وعمر جالس في المسجد، فقال: هلم يا ابن أم شملة، فعرف عمر أن أبا بكر قد رضي عنه فلم يكلمه ودخل بيته.
وقد روي أيضا أن عمر لما ولي جمع من بقي من عشيرة مالك بن نويرة واسترجع ما وجد عند المسلمين من أموالهم وأولادهم ونسائهم فرد ذلك جميعا عليهم مع نصيبه الذي كان فيهم.
وقيل: إنه ارتجع بعض نسائهم من نواحي دمشق وبعضهن حوامل فردهن على أزواجهن فالأمر ظاهر في خطأ خالد وخطأ من تجاوز عنه.

(1) شاذا: أي مفردا.
(2) اعتجر العمامة: لبسها.
(3) عدي: تصغير عدو.
(١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 ... » »»