في علمه لأنه غير ممتنع أن يكون عليه السلام إليه القيام بهذه الأمور ويمسك عن توليها في تلك الحال لبعض الأغراض والأسباب المانعة، وليس معنى قولنا: أن فلانا إليه كذا وكذا، أنه لا بد من أن يقوم بذلك الأمر ويتولى التصرف فيه، وإنما معناه أن التصرف متى وقع منه كان مستحقا حسنا، ولهذا نجد بعض الأئمة والأمراء يمتنعون من التصرف في بعض الأحوال لعارض، ويكون ما يستحقونه من الولاية بحاله والذي حكاه عن شيخه أبي علي من الالزام قد سقط بجملة كلامنا.
وقوله: " إذا لم يصح كونه إماما في الوقت فكيف يكون إماما بعده ".
فعجب في غير موضعه لأن ما ذكرناه من الفرق بين الحالين وإن ما منع من إثبات الإمامة في أحدهما لا يمنع من إثباتها في الأخرى يزيل التعجب.
فأما قوله: " إنه صلى الله عليه وآله لما خلفه بالمدينة لم يكن له إن يقيم الحدود في غيرها وإن مثل ذلك لا يعد إمامة " فهو كلام على من تعلق بالاستخلاف لا في تأويل الخبر وقد بينا ما هو جواب عنه فيما تقدم وقلنا:
أنه إذا ثبت له عليه السلام بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله فرض الطاعة، واستحقاق التصرف بالأمر والنهي في بعض الأمة، وجب أن يكون إماما على الكل لأنه لا أحد من الأمة ذهب إلى اختصاص ما يجب له في هذه الحال، بل كل من أثبت له هذه المنزلة أثبتها عامة على وجه الإمامة لا الإمارة، فكان الإجماع مانعا من قوله: " فيجب أن يكون بعد وفاته صلى الله عليه وآله أميرا لا إماما " ولم يقل ما ذكرناه من جهة أن نفي الإمارة يقتضي إثبات الإمامة كما ظن، بل لما بيناه من أن وجوب فرض الطاعة إذا ثبت وبطل أن يكون أميرا مختص الولاية بالاجماع، فلا بد من أن يكون إماما لأن الإمارة أو ما جرى مجراها من الولايات المختصة إذا انتفت مع ثبوت وجوب الطاعة فلا بد من ثبوت الإمامة.