فأما قوله: " إن التعلق بالاستخلاف على المدينة خارج عن الاستدلال بالخبر " فصحيح وقد ذكرنا فيما مضى أنه لا نسبة بين الأمرين، وعجبنا من إيراده ذلك في جملة ما حكاه عن أصحابنا من الطرق في الاستدلال بالخبر.
فإن قيل: فقد ذكرتم أن التعلق بالاستخلاف على المدينة طريقة معتمدة لأصحابكم فبينوا وجه الاستدلال بها.
قلنا: الوجه في دلالتها أنه قد ثبت استخلاف النبي صلى الله عليه وآله لأمير المؤمنين عليه السلام لما توجه إلى غزوة تبوك ولم يثبت عزله عن هذه الولاية يقول من الرسول صلى الله عليه وآله، ولا دليل، فوجب أن يكون الإمام بعد وفاته لأن حاله لم يتغير.
فإن قيل: ما أنكرتم من أن يكون رجوع النبي إلى المدينة يقتضي عزله وإن لم يقع العزل بالقول.
قلنا: إن الرجوع ليس بعزل عن الولاية في عادة ولا عرف، وكيف يكون العود من الغيبة عزلا أو مقتضيا للعزل؟ وقد يجتمع الخليفة والمستخلف في البلد الواحد ولا ينفي حضوره الخلافة له، وإنما يثبت في بعض الأحوال العزل بعود المستخلف إذا كان قد علمنا أن الاستخلاف تعلق بحال الغيبة دون غيرها فيكون الغيبة كالشرط فيه ولم يعلم مثل ذلك في استخلاف أمير المؤمنين.
فإن عارض معارض بمن روى أن النبي صلى الله عليه وآله استخلفه كمعاذ (1) وابن أم مكتوم وغيرهما، فالجواب عنه قد تقدم، وهو أن