الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ٤٦
الكلام عليه على وجه يلزم معه الانفصال، فيقال: إذا كنتم قد صرحتم فيما مضى من كلامكم بأن استخلاف موسى لأخيه هارون لو لم يثبت لكان استدلالكم على النص مع فقده متوجها باعتبار ما يجب لهارون من فرض الطاعة على أمة موسى في حياته، ووجوب استمرار ذلك لو بقي إلى بعد وفاته، وإن كان من مقتضى النبوة، وقلتم: إنه غير واجب فيمن جعل له مثل منزلة هارون من موسى في باب فرض الطاعة أن يكون مشاركا له في سبب هذه المنزلة، فقد ثبت من هذا الوجه أن هارون كان يجب له فرض الطاعة بعد موسى لمكان نبوته على سبيل الاستمرار لا التجدد، ويلزمكم الجواب.
ويمكن أن يتوجه من وجه آخر وهو أن هارون إذا كان خليفة لموسى حال حياته وأوجبتم خلافته لو بقي بعده لما ذكرتموه من التنفير، فلا بد من ثبوت الخلافة في جميع أحوال الحياة على استقبال استخلاف أخيه له بالوجه الذي أوجبتم به حصولها بعد الوفاة، وإذا حصلت هذه المنزلة لهارون مستمرة غير متحدة ولم يمكن بأن تجعلوا حال أمير المؤمنين عليه السلام فيها كحاله لزمكم الكلام والجواب عن السؤال إذا رتب الترتيب الذي ذكرناه هو أنه لا معتبر في ثبوت منزلة الخلافة لهارون بعد وفاة أخيه لو بقي إليها باستمرار هذه المنزلة أو تجددها فلا فرق في الوجه الذي قصدناه بين الأمرين لأن منزلة الخلافة في الحياة كالمنفصلة من منزلة الخلافة بعد الوفاة، بل حصولها في كل حال كالمنفصل من الحال الأخرى لجواز أن يثبت في إحدى الحالتين ولا يثبت في الأخرى، وإذا كانت حال الخلافة في الحالين على ما ذكرناه من الانفصال لم يمتنع أن يقع التشبيه بإحداهما دون الأخرى ويجعل للمشبه بهارون عليه السلام منزلة الوفاة دون ما يجب في الحياة، وليس معنى أن هارون لو بقي لوجب أن يكون كما كان أكثر من أن منزلة الخلافة كانت تثبت له في الحالين، وينضاف إلى ثبوتها في الحياة ثبوتها بعد الوفاة،
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»