الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ٥٠
يقال له: نراك قد خلطت في كلامك هذا بين الكلام على من تعلق بالاستخلاف على المدينة وأوجب استمراره وبين الكلام على الخبر الذي نحن في تأويله فقد بينا أنه لا تعلق لأحد الأمرين بالآخر فما الذي أردت بقولك: " لو اقتضى الاستخلاف كان إماما بعده لكان له أن يقيم الحدود وغيرها في حياته " فإن كنت تريد أن الاستخلاف على المدينة كان يقتضي ما ذكرته، فقد علمت أن كلامنا الآن معك على غيره، لأنا في تأويل قوله عليه السلام: (أنت مني بمنزلة هارون من موسى) وبيان موضع النص فيه، وإن أردت أن الخبر لو اقتضى الإمامة بعد الوفاة لوجب ما ادعيته، فمن أين توهمت ذلك؟ وقد كان يجب أن تبين الوجه فيما ظننته، أوليس قد بينا أن منزلة الإمامة تثبت لأمير المؤمنين عليه السلام بالخبر بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله على سبيل التجدد لا الاستمرار! وقلنا: إن هارون عليه السلام وإن كان مفترض الطاعة في حياة موسى لأجل نبوته ولاستخلاف أخيه له وتثبت له الخلافة من بعد لو بقي بعد ثبوتها فيما مضى وعلى سبيل الاستمرار فليس يجب مثل ذلك في أمير المؤمنين عليه السلام، وأكثر ما في الباب أن تكون الخلافة في أحوال الحياة على سبيل الاستمرار منزلة من منازل هارون منع من إثباتها لأمير المؤمنين عليه السلام دليل كما منع من غيرها، وقد قلنا: أيضا أن من ذهب من أصحابنا إلى استمرار خلافة أمير المؤمنين عليه السلام في حال حياة الرسول صلى الله عليه وآله يسقط عنه هذا الكلام جملة، لأنه يذهب إلى أن إقامة الحدود وما جرى مجراها مما كان له عليه السلام أن يقوم به في تلك الحال على سبيل الخلافة للرسول، فليس قول صاحب الكتاب: " ونحن نعلم أن ذلك لم يكن إليه " بحجة على من قال به ممن ذكرناه، لأنه لم يبين من أين علم ما ادعاه فليس قوله: " لو كان عليه السلام في تلك الأحوال القائم بالحدود وتنفيذ الأحكام لوجب أن ينفذ توليته لها وفعله فيها وأن يظهر ظهورا يشترك سامعوا الأخبار
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»