فإن قال: ليس يجب علينا أن ننقل فيما يدل على رضاه أكثر من بيعته، وترك نكيره لأن الظاهر من ذلك يقتضي ما ذكرناه، وعلى من ادعى أنه كان مبطنا بخلاف الرضا أن يدل على ذلك فإنه خلاف الظاهر.
قيل له: ليس الأمر على ما قدرته لأن سخط أمير المؤمنين عليه السلام هو الأصل لأنه لا خلاف بين الأمة في أنه عليه السلام سخط الأمر وأباه ونازع فيه، وتأخر عن البيعة، ثم إنه لا خلاف في أنه في المستقبل بايع وترك النكير (1) فنقلناه عن أحد الأصلين اللذين كان عليهما من الامتناع عن البيعة وإظهار الخلاف أمر معلوم، ولم ينقلنا عن الأصل الآخر الذي هو السخط والكراهة شئ فيجب على من ادعى تغير الحال أن يدل على تغيرها، ويذكر أمرا معلوما يقتضي ذلك، ولا يرجع ذلك علينا فيلزمنا أن ندل نحن على ما ذكرناه، لأنا على ما بيناه آنفا متمسكون بالأصل المعلوم، وإنما تجب الدلالة على من ادعى تغير الحال، وليس له أن يجعل البيعة وترك النكير دلالة الرضا لأنا قد بينا أن ذلك (2) ينقسم ولا ينتقل من المعلوم المتحقق بأمر محتمل.
فإن قال: هذه الطريقة التي سلكتموها توجب الشك في كل إجماع، وتمنع من أن يقطع على رضا أحد بشئ من الأشياء لأنا إنما نعلم الرضا في كل موضع نثبته فيه بمثل هذه الطريقة، وما هو أضعف منها.
قيل له: إن كان لا طريق إلى معرفة الإجماع ورضا الناس بالأمور إلا ما ادعيته فلا طريق إليه، لكن الطريق إلى ذلك واضحة، وهو أن