الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ١٩٩
كان يجب أن يكون على خلاف ما تضمنته، وإنما يتأول المحتمل من الكلام، وقد تضمنت الأخبار المروية في هذا الباب ما لا يسوغ معه هذا التأويل المتعسف المضمحل فلم يبق إلا أن يبين عذر عمر في هذا القول ويجمع بين قوله هاهنا وقوله يوم السقيفة، وأحسن ما يقال في ذلك وأدخله في تنزيه عمر عن المناقضة أن يكون الخبر الذي يتضمن حصر الإمامة في قريش لا أصل له ولم يجز له ذكر يوم السقيفة على ما بينا أن الروايات المتظاهرة وردت به فقد مضى من شرحها وأنها خالية من الاحتجاج به ما فيه كفاية.
ثم حكى صاحب الكتاب عن أبي علي أنه كان يستدل على أن الإمامة لا تصلح إلا في قريش بطريقة أخرى، وهي " إنهم أجمعوا قديما على أن قريشا تصلح للإمامة ولا إجماع أن الإمامة تصلح في غيرها، ولا يجوز إثبات الإمامة بغير حجة سمعية، فيجب لذلك أن يكون الإمام من قريش،... " (1).
يقال له: هذا من ركيك الاستدلال وضعيفه لأنهم وإن أجمعوا على أن قريشا تصلح للإمامة، وليس هذا موضع الخلاف فلم يجمعوا على أن غيرها لا يصلح وهو موضع الخلاف، وليس إذا لم يكن في غير قريش إجماع وجب نفي الإمامة عنهم، لأن الحق قد ثبت بالاجماع وغيره، وليس مقصورا على الإجماع.
وقوله: " ولا يجوز إثبات الإمامة بغير حجة سمعية " صحيح إلا أنه لم يبق من صلاح غير قريش للإمامة من الحجج السمعية إلا الإجماع، دون ما عداه فمن أين إنه لا حجة سمعية في ذلك؟ على أنه يلزمه على

(1) حكايته عن أبي علي في المغني 20 ق 1 / 236.
(١٩٩)
مفاتيح البحث: السقيفة (2)، الحج (3)، الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 ... » »»