الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ١٨٨
لا يرضى العرب أن يؤمروكم ونبيها من غيركم، ولكن العرب لا تمتنع أن يولى أمورها من كانت النبوة فيهم، وولي أمورهم منهم، ولنا بذلك على من أبى من العرب الحجة الظاهرة، والسلطان المبين، من ذا ينازعنا سلطان محمد صلى الله عليه وآله وإمارته، ونحن أولياؤه وعشيرته إلا مدل بباطل، أو متجانف لإثم، أو متورط في هلكة (1) فقام الحباب بن المنذر، وفي رواية غير الطبري الحسان بن المنذر (2) فقال يا معشر الأنصار أملكوا على أيديكم ولا تسمعوا مقالة هذا وأصحابه فيذهبوا بنصيبكم من هذا الأمر، فإن أبوا عليكم ما سألتموهم، فأجلوهم من هذه البلاد، وتولوا عليهم هذه الأمور، فأنتم والله أحق بهذا الأمر منهم، فإنه بأسيافكم دان لهذا الدين من لم يكن يدين أنا جذيلها المحكك، وأنا عذيقها المرجب (3) أما والله لئن شئتم لنعيدنها جذعة فقال له عمر: إذا يقتلك الله، قال:
بل إياك يقتل، فقال أبو عبيدة: يا معشر الأنصار إنكم أول من نصر وآزر فلا تكونوا أول من بدل وغير، فقام بشير بن سعد (4) أبو النعمان بن بشير فقال: يا معشر الأنصار أما والله لئن كنا أولي فضيلة في جهاد المشركين، وسابقة في هذا الدين، ما أردنا به إلا رضا ربنا وطاعة نبينا

(١) دل بباطل: جاء بدليل باطل، والجنف - بالتحريك - الجور والميل عن الحق. والإثم: فعل ما لا يحل، والمتورط: الواقع في الورطة - بفتح الواو وسكون الراء أي الهلكة.
(٢) لاحظ ما تقدم ص ١٨٧ برقم ٤.
(٣) قال الزمخشري في الفائق ١ / ١٨٠ " الجذيل تصغير جذل - بالكسر - وهو في الأصل عوه ينصب للجربى تحتك به فتسشفى به، والمحكك: الذي كثر به الاحتكاك حتى صار مملسا، والمرجب المدعوم بالرجبة وهي خشبة ذات شعبتين ومعناه أني ذو رأي يشفي بالاستشفاء به كثيرا في مثل هذه الحادثة وأنا في كثرة التجارب والعلم بموارد الأحوال فيها وفي أمثالها ومصادرها كالنخلة الكثيرة " الحمل ".
(٤) بشير بن سعد بن ثعلبة الأنصاري الخزرجي، قال ابن الأثير: " يقال: إنه أول من بايع أبا بكر الصديق رضي الله عنه يوم السقيفة من الأنصار، وقتل يوم عين التمر مع خالد بن الوليد بعد انصرافه من اليمامة سنة اثنتي عشرة " (أسد الغابة ١ / 195).
(١٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 ... » »»