الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ١٧٥
عبيدة لوجه من الوجوه، قيل له: فأجز أن يكون عالما بالفضل والمزية معا، وإنما عرض البيعة للوجه الذي نذكره.
فأما ارتضاؤه في علة تقديم أبي بكر للإمامة مبادرة إطفاء الفتنة المتخوفة عقيب موت الرسول صلى الله عليه وآله لما كان من الأنصار، وأن تأخير العقد في تلك الحال كان يؤدي إلى أمور يبعد تلافيها فلهذا قدموا المفضول على الفاضل، فأول ما يقال له في ذلك: لسنا نرضى منك بادعاء فتنة لم تظهر أسبابها، ولم تقو إمارتها، ولم تلح دلالتها، حتى يجعل ذلك ذريعة إلى دفع الفاضل عن مقامه، فأشر إلى هذه الفتنة التي ادعيتها، وزعمت أنها كانت متخوفة، فإن أشاروا إلى ما كان من الأنصار من حضور السقيفة، وجذب الأمر إلى جهتهم، فهذا لم يكن من الأنصار ابتداء حتى يحمل على تقديم المفضول على الفاضل، والمعروف في الرواية أن النفر من المهاجرين ابتدؤا بحضور السقيفة فبلغ الأنصار أن المهاجرين قد اجتمعوا للخوض في باب الإمامة فصاروا إلى السقيفة وجرى بينهم ما جرى، على أن الأنصار لم يكونوا عندكم ممن يرتكب العناد، ويحمله اللجاج على خلاف الرسول صلى الله عليه وآله ولم يحضروا السقيفة للمغالبة والمجاذبة، وإنما حضروا للتدبير والمشاورة، ولهذا يقولون إنهم رجعوا عند رواية الخبر المتضمن لإخراجهم من نصاب الإمامة، وسلموا وانقادوا وأذعنوا ولم يبق منهم من هو مقيم على الخلاف إلا واحد يدعي قوم استمراره على الخلاف، وتنفون أنتم ذلك عنه، فأي فتنة تتخوف ممن هذه حاله في الإمامة، وطلب السلامة، والانقياد للحق.
فأما ما لا يزال يقول مخالفونا في هذا الموضع من أن العقد إنما بودر إليه خوفا من فتنة المنافقين الذين كانوا في خلال المؤمنين، يتربصون بهم الدوائر، فإن موت رسول الله صلى الله عليه وآله قوي في نفوسهم وشد من

(1) المراد به سعد بن عبادة.
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»