الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ١٤٨
ضرورة موته أو يثبتها بطريق مثل الاختيار، أو الدعوة على مذهب الزيدية، وقد دلت العقول أيضا على إن الطريق إليها لا يكون إلا النص والمعجز، وهذه الطريقة إذا سلكت في إمامة صاحب زماننا هذا عليه السلام كانت أوضح من غيرها وأحسم لكل شبهة، وأقطع لكل شغب، لأن الإمام إذا وجبت عصمته والنص عليه فلم يبق في أقوال المختلفين في إمام هذا الزمان ما يجوز أن يكون مطابقا لهذه الأدلة إلا قولان قول الإمامية الذاهبين إلى إمامة ابن الحسن عليه السلام وقول شذاذ لم يبق منهم إلا صبابة (1) قد كاد الانقراض يأتي عليهم كما أتى على أمثالهم، وهم الواقفة على موسى بن جعفر عليه السلام، وهؤلاء يبطل قولهم - وإن كانت الشبهة به زائلة وقتنا هذا - ما يعلمه جميع الأمة ضرورة وفاة موسى ابن جعفر عليه السلام، ومشاهدة كثير من الناس له ميتا على حد أن لم يزد في الوضوح على موت آبائه عليهم السلام لم ينقص عنه، فلم يبق ما يجوز أن يكون صحيحا إلا قول من ذهب إلى إمامة ابن الحسن، فيجب أن يكون صحيحا وإلا أدى ذلك إلى أن الحق مفقود من أقوال الأمة، وهذه الجملة تبين إن ما ادعى صاحب الكتاب تعذره علينا ممكن سهل بحمد الله ومنه.
فأما قوله: " إن الغيبة إن كان الخوف سببها فقد كان يجب أن يحصل غيبة الأئمة في أيام بني أمية، وكثير من أيام بني العباس لأن الخوف كان هناك أظهر وأكثر " فأول ما نقوله في ذلك: إن الأمر بخلاف ما ظنه من زيادة الخوف في تلك الأيام على غيرها، لأنا نعلم إن من عدا إمام زماننا عليه السلام من آبائه عليهم السلام لم يكن أحد منهم يدعى له، ويحكم فيه، وينتظر منه إظهار العدل في مشارق الأرض ومغاربها وابتزاز

(1) الصبابة - بالضم -: بقية الماء في الإناء.
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 153 154 ... » »»