الأمر من أيدي الجائرين والمتغلبين، ولا أنه (1) صاحب الزمان، والمهدي المنتظر لا صلاح ما فسد من الأمور، وارتجاع ما غصب من الحقوق، وهذا كله موجود في إمامة صاحب الزمان مفقود في إمامة من تقدمه من آبائه سلام الله عليهم أجمعين، ولهذا كتمت ولادته، وأخفي في الابتداء أمره، وكيف لا يكون الحال كذلك، ولما مات الحسن عليه السلام جمع جواريه وسراريه (2) واحتاط عليهم المتملك في ذلك الوقت للأمر ليظهر له ميلاد القائم عليه السلام الذي ينتظر منه العجائب، وقلب الدول والممالك، ولم يعلم أن ميلاده قد تقدم، وإنه عليه السلام ولد قبل وفاة أبيه صلوات الله عليهما بزمان طويل فكيف يجمع منصف بين أحوال صاحب الزمان مع ما ذكرناه وأحوال من تقدم من آبائه عليهم السلام فيما يقتضي الخوف والغيبة والاستتار والأمن، وكيف يضم في باب الخوف والتقية من المتملكين للأمور، والمستبدين بالدول بين من لا يخافونه على ما في أيديهم ولا ينازعهم شيئا من أمورهم، ولا يقضى له ولا يدعى فيه أنه المنصور عليهم، والسالب لنعمتهم، وبين من تجتمع فيه هذه الصفات، والفرق بين هذين الأمرين فيما يدعو إلى الخوف والتقية أوضح من أن يطنب فيه، وهو بالعكس مما قضى به صاحب الكتاب على أن أحوال الخائف إنما يرجع فيها إلى اعتقاداته، فظنونه واعتقاداته بحسب ما يظهر له من الإمارات التي تقتضي الخوف أو الأمن ولا مرجع في أحوال
(١٤٩)