الإمام بالحجة وأيده ونصره بالأدلة، وأما القسم الآخر فهو ما نافى التكليف وأخرج من استحقاق الثواب والعقاب، وإلزامنا هذا القسم من عجيب الأمور لأن الإمام إنما يحتاج إليه للمصلحة في التكليف فكيف يجمع بينه وبين ما نافاه ونافى التكليف، وهل هذا إلا مناقضة من الملزم أو قلة تأمل لما يقوله خصومه.
فأما ما حكاه عن واصل بن عطاء من ذكر الفترة والاستشهاد بالقرآن وإجماع علماء المسلمين عليها، فمن بعيد الكلام عن موقع الحجة، لأن قوله تعالى: ﴿يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير﴾ (1) صريح في أن الفترة تختص الرسل، وأنها عبارة عن الزمان الذي لا رسول فيه، وهذا إنما يلزم من ادعى أن في كل زمان حجة هو رسول فأما إذا لم يزد على ادعاء حجة وجواز أن يكون رسولا وغير رسول فإن هذا الكلام لا يكون حجاجا عليه.
فأما ادعاؤه إجماع علماء المسلمين على الفترات بين الرسل، فإن أراد بالفترات خلو الزمان من رسول وحجة فلا إجماع في ذلك، وكل من يقول بوجوب الإمامة في كل زمان وعصر يخالف في ذلك، فكيف يدعى الإجماع وهذه الجملة تبين فساد جميع ما أورده في الفصل الذي حكيناه إلى آخره.