الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ١٤٦
النصوص في إمامة كل واحد من الأئمة عليهم السلام بألفاظه وطرقه، ومن أراد الوقوف على ذلك فعليه بكتب حديث الشيعة، فإنه يقف من ذلك على ما لا يستجيز معه أن يطلق القول بأنه لا يمكن في إمامتهم عليهم السلام ما أمكن في إمامة أبيهم أمير المؤمنين عليه السلام، وليس يمكن الطعن في هذه الأخبار بأنها آحاد، وأن شروط الأخبار المتواترة مفقودة فيها، وذلك أن الشيعة في هذا الوقت لا شبهة في كثرتها واستحالة اتفاق الكذب منها والتواطؤ عليه، وهي تدعي أنها أخذت هذه الروايات عن سلفها، وأن سلفها أخبرها بمثل ذلك عن سلفها، حتى ينتهي الخبر إلى أصله، وقد بينا فيما تقدم عند الكلام في النص الصريح على أمير المؤمنين عليه السلام صحة هذه الطريقة، وأجبنا عن الأسئلة والإيرادات عليها فلا حاجة بنا إلى استقصائها هاهنا.
وأما الطريقة الثانية فهو أن يعتمد في إمامة كل واحد منهم على طريقة الاعتبار، والبناء على الأصول المتقررة في العقول من غير رجوع إلى النقل، فنقول في إمامة الحسن عليه السلام: إن الناس لما قبض الله تعالى أمير المؤمنين عليه السلام إلى جنبه كانوا في باب الإمامة على ضروب، فمنهم من نفاها وادعى أنه لا إمام في العالم، وهم الخوارج ومن وافقهم، وقولهم يبطله قيام الدلالة العقلية على وجوب الإمامة، وقد تقدمت، ومنهم من قال بإمامة معاوية بن أبي سفيان، ويبطل قول هؤلاء ما يفترقون معنا به من فقد عصمته التي قد تقدمت دلالتنا على وجوب اعتبارها في الإمام، وهذا كاف في إبطال إمامته، وإن كان لنا أن نتخطى ذلك إلى ما ظهر من كفره ومجاهرته بما ينفي العدالة، ويرفع حكم الاسلام ومنهم من قال بإمامة محمد بن الحنفية رضوان الله عليه، وهؤلاء أحد فرق الكيسانية، ويبطل قول هؤلاء إذا ادعوا في محمد بن الحنفية ما نوجبه للأئمة من العصمة وغيرها، وحملوا أنفسهم - أعني هؤلاء القوم
(١٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 ... » »»