الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ١٤٧
من الكيسانية - على هذه المقالة، وقد بينا على ذلك أن ابن الحنفية ما زال تابعا لأخويه عليهما السلام مقدما لهما على نفسه، راجعا إليهما، ومعولا عليهما، والمفضول لا يكون إماما، وحالهما عليهما السلام في العلم والفضل عليه ظاهرة لا تخفى على من سمع الأخبار، وبعد فإنه حضر البيعة لهما بالإمامة، وكان راضيا بهما غير منازع ولا منكر، والتقية منهما عنه زائلة، فكيف يكون مع كل ذلك إماما دونهما؟ وأيضا فإن هؤلاء الكيسانية، ومن وافقهم في إمامة محمد بن الحنفية اختلفوا، فادعى بعضهم أنها كانت له بعد أخويه، بعد تشتت أهوائهم، وتفرق آرائهم، وادعى بعضهم حياة محمد وأنه بين أسد ونمر في جبال رضوى إلى غير ذلك من المذاهب التي ألجأتهم الحيرة إليها، وقد انقرضوا فلا عين لهم ولا أثر منذ السنين الطوال، وما رأينا أحدا منهم، ولا من كان قبلنا بمدد بعيدة، فلو كان قولهم حقا لما جاز أن ينقرضوا حتى لا يقول قائل به من الأمة في زمان بعد زمان، ولا في زمان واحد لأن الحق لا يخرج غن أقوال جميع الأمة، فلم يبق إلا قول من قال بإمامة الحسن وهم على ضربين، منهم من ذهب إليها من طريق الاختيار، وقول هؤلاء يفسد بما دللنا عليه من وجوب النص، فلم يبق إلا قول من أوجبها بالنص عليه، وهو الحق المبين، لأنه لو ساوى هذا القول ما تقدم من الأقوال في الفساد لاقتضى ذلك خروج الحق من الأمة، وقد بينا ذلك، وأنت إذا اتبعت هذه الطريقة وسلكتها في إمامة الحسين عليه السلام ومن بعده من الأئمة وجدتها نهجا واضحا وطريقا جددا (1) لأن كل من ذهب في الإمامة إلى غير مذهبنا في إمام كل زمان بعينه إما أن ينفي وجوبها أو يثبتها لمن يعترف بنفي صفات الأئمة التي أوجبناها بحجج العقول عنه، أو يدعي حياة ميت قد علم

(1) الجدد - بالتحريك -: المستوي من الأرض.
(١٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 153 ... » »»