الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ١٤٤
يقال له: لا شبهة في أنه يجب على من ادعى النص على إمام كل زمان أن يذكر فيه حجة قاطعة، وطريقة واضحة، فمن أين حكمت أنا لا نتمكن من ذلك في النص على الحسن والحسين ومن بعدهما من الأئمة عليهم السلام إلى وقتنا هذا، وقد كان أقل ما يجب أن تذكر ما نتعلق به في هذا الباب، وتتعاطى إفساده، ثم تحكم بالحكم الذي اعتمدت عليه.
وأما قولك: " إن الوجوه التي يمكنهم ذكرها في النص على أمير المؤمنين عليه السلام لا يمكن ذكرها وادعاء مثلها في النص على إمام كل زمان " فإن أردت بقولك مثلها ما يجري مجراهما في الدلالة والحجة، وقطع العذر، وإزالة الريب، فنحن بحمد الله تعالى نتمكن من ذلك وسنذكره، وإن أردت إنا لا نتمكن في باقي الأئمة عليهم السلام من نص يرويه الموافق والمخالف، ويجمع على نقله جماعة المسلمين وإن اختلفوا في تأويله، كالنصوص على أمير المؤمنين، فهو صحيح، إلا أن فقد التمكن من ذلك لا يخل بصحة المذهب الذي إنما قصدت إلى إفساده، وشرعت في الاستدلال على أنه لا دليل لله تعالى عليه، ولا منفعة لك ولمن وافقك في أن يكون بعض الأدلة والطرق مفقودا في هذا الموضع إذا قام مقامه ما يجري في الحجة مجراه، ويقطع العذر كقطعه على أن النصوص على أمير المؤمنين عليه السلام غير متفقة الطرق، لأن فيها ما يرويه جميع الرواة، وتسلم صحته جميع الأمة كخبر الغدير وقوله: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى " وما يجري مجراهما، وفيها ما يشترك العامة والخاصة في نقله، وإن كان من جهة الخاصة، ومن طرق الشيعة متواترا ظاهرا، ومن طرق العامة يرويه الآحاد، ويذكره الأفراد، كخبر يوم الدار (1) وما

(١) يوم الدار ويسمى يوم الانذار أيضا، والمراد بالدار دار أبي طالب رضوان الله عليه، وذلك لما أنزل الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وآله: (وأنذر عشيرتك الأقربين) فدعاهم صلى الله عليه وآله إلى دار عمه أبي طالب، وهم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصون رجلا، وفيهم أعمامه أبو طالب والعباس وحمزة وأبو لهب فكلمهم رسول الله صلى الله عليه وآله وكان من جملة ما قال لهم: " يا بني عبد المطلب إني والله ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به، جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه، فأيكم يؤازرني على أمري هذا على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم " فأحجم القوم غير علي عليه السلام وكان أصغرهم إذ قام فقال: أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله برقبته وقال: " إن هذا أخي، ووصيي، وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا " فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب، قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع. (انظر تاريخ الطبري ٢ / ٣١٩ فما بعدها فقد رواه بطرق مختلفة ونقله في كنز العمال ج ٦ ص ٣٩٥ و 396 و 397 و 401 و 408 عن ابن جرير وأحمد والضياء المقدسي وابن إسحاق وابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبي نعيم وغيرهم.
(١٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 ... » »»