الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٢٨
قال صاحب الكتاب: " وبعد، فإن كل ذلك يلزمهم في الأمراء فيقال لهم فيجب إذا كانوا يقومون بهذه الأمور أن يكونوا عالمين بكل الأحكام للوجه الذي ذكرتم، وأن لا يجوز أن يرد التعبد باختيار أمير وحاكم لا يكون بهذه الصفة، وبطلان ذلك يبين فساد ما تعلقوا به، فمن هذا الوجه ألزمهم شيوخنا في أمراء الإمام أن يكونوا عالمين بكل ما يعلمه الإمام... " (1).
يقال له: ليس أمراء الإمام وحكامه بولاة في جميع الدين، وليس إليهم الحكم في جميع ما يحكم فيه الإمام، ولو كانوا بهذه الصفة للزم فيهم ما أوجبناه في الإمام، وكيف يكونون حكاما في جميع الدين وقد يلزمهم في كثير من الحوادث والنوائب مطالعة الإمام والرجوع إلى حكمه فيها، ويكون محظورا عليهم الاستبداد بإمضائها دونه والذي يجب في الأمير والحاكم أن يكون كل واحد منهما عالما بما أسند إليه، وقصرت ولايته عليه، ولهذا ما يكون للإمام في البلد الواحد خلفاء جماعة فيكون بعضهم خليفة له على تدبير الجماعة والحرب وسد الثغور، وبعضهم على الخراج وجباية الأموال، وبعضهم على الأحكام والقضاء بين الناس، ويجوز أيضا أن يكون له على الأحكام الشرعية جماعة من الخلفاء يختص واحد بولاية الحكم في الجزء الذي يحسنه من الشريعة ويقوم به، وكل هذا مما لا يمكن أن يكون في الإمام مثله، لأن ولايته عامة غير خاصة، وهو إمام في الكل وحاكم في الجميع، فالذي يجب على قياس قولنا في الإمام أن يكون الأمير أو الحاكم عالما بما تولاه وفوض إليه، وهكذا نقول على أن الأمراء لو وجب فيهم العلم بسائر الأحكام مثل الإمام لم يستحل حصول ولايتهم بالاختيار، ولم يجب النص عليهم على الحد الذي ذكرناه في الإمام لأنا إنما

(1) المغني 20 ق 1 / 106.
(٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 ... » »»