تعالى في الأحكام بأن يجتهد أو بأن يحكم بما تقرر عنده في عقله أو بأن يتوقف في كثير من ذلك إلى ما شاكله وإنما نمنعه الآن لا لأن العقل (1) كان لا يجوز التعبد به بل لأن الدلالة في الشرع دلت على خلافه... " (2).
يقال له: إذا أجزت ذلك في الرسول كإجازتك إياه في الإمام كان الكلام في الأمرين عليك واحدا، وما ذكرنا من الأدلة المتقدمة يتناول الخلاف في الموضعين لأن الرسول إذا كان حاكما في سائر الدين، وإماما في جميعه وجب من كونه عالما بالأحكام ما أوجبناه في الإمام.
فأما قولك: " يحكم بما تقرر في عقله ويتوقف في مواضع "، فإن أردت أنه يفعل ذلك فيما لله تعالى فيه حكم مشروع نصبه للحكم به وجعله الإمام فيه، فهذا مما لا يجوز وهو الذي بينا فساده بكل الذي تقدم، وإن أردت أنه يتوقف أو يرجع إلى العقل فيما ليس فيه حكم مشروع نصب حاكما به وممضيا له بل العبادة فيه هي التوقف أو الرجوع إلى العقل فهذا مما لا نأباه لأنا إنما نوجب أن يعلم جميع الأحكام المشروعة التي جعل إماما فيها وحاكما بها مما لا حكم فيه، أو فيه حكم ليس من جملة الشرع الذي هو إمام فيه لأهله خارج عما أوجبناه والى معنى هذا الجواب نرجع إذا سئلنا عن سبب ما روي من توقف النبي صلى الله عليه وآله في بعض الأحكام كقصة المجادلة وما أشبهها لأن الذي يتوقف صلى الله عليه وآله فيه لم يكن له حكم في شرعه فيجب علمه به وفرضه فيه هو ما صنعه عليه السلام من التوقف وانتظار الوحي وليس هذا حكم ما أنكرناه