الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٢٧
هذه الحوادث الذي أوجب على الإمام إقامته وإمضاءه دون الباطن الذي لا عبادة على الإمام فيه؟
ثم يقال له: أليس جائزا عندك في العقل أن يكون لله تعالى حكم أو أحكام في الشريعة بينها ودل عليها لا يعلمها الإمام؟ فلا بد من بلى لأنه في تعاطي نصرة هذا المذهب.
فيقال له: فهل لله تعالى حكم في بواطن الحوادث تعبد الإمام به أو غيره؟ كأنه مثلا تعبد بمعرفة كون المشهود عليه مستحقا للحد على الحقيقة وأن الشهود صادقون في شهادتهم. فإذا قال: لا، قيل له: فكيف ألزمت من أوجب علم الإمام بالأحكام المشروعة أن يعلم ما لا شرع فيه ولا عبادة به وإنما كان يلزم كلامك على سبيل المناقضة أن لو كان الله تعالى قد تعبد في الباطن بعبادات وأحكام وأوجبت على الإمام العمل بها، وأجزنا عليه أن لا يعلمها (1) مما لم نجزه، والفرق بين ما أنكرناه وأجزناه واضح.
فإن قال: فأنا أقول أيضا: إن حكم الله تعالى فيما لا يعلمه الإمام وفرضه عليه هو الاجتهاد والاستدلال.
قيل له: ليس الاستدلال هو الحكم المتعبد بإمضائه بل الاستدلال هو الطريق إلى الحكم، والحكم في نفسه غير الطريق إليه، فإذا كان حكم الله تعالى في الحادثة التحريم أو التحليل، والإمام حاكم في جميع الدين فلا بد من أن يكون عالما بالحكم نفسه لا بالطريق إليه وإلا أدى إلى جواز ما ذكرناه مما يستقبحه العقلاء.

(1) الضمير في " يعلمها " للإمام.
(٢٧)
مفاتيح البحث: علم المعصوم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»