فرض على الإمام سوى التوقف أو الرجوع إلى العقل فقد أجبناك إلى جواز ذلك، وبينا أنه خارج عما أنكرناه.
قال صاحب الكتاب: " لأنه إذا جاز (1) عندكم أن يكون الإمام قائما في الزمان، ويصير ممنوعا من إقامة الحدود والأحكام، وسائر ما فوض إليه فما الذي يمنع مع تمكنه من أن يتوقف في بعض ذلك، وإنما نذكر هذه الأمور من جهة العقل فليس لأحد أن يعترض علينا بورود السمع بخلافه، (2)... ".
يقال له: بين ولاية الإمام وهو لا يعرف الأحكام التي تولاها، وجعل حاكما بها، وبين ولايته وهو عالم بها، مع تجويز أن يمنع من إمضائها، ويحال بينه وبين إقامتها فرق واضح لا يذهب على المتأمل، لأن ولايته مع الجهل بما تولاه تلحق بموليه غاية الذم لما دللنا عليه من قبل، وليس هذا حكم ولايته مع معرفته بما أسند إليه، واضطلاعه به، وإن منع من تنفيذ الأحكام وإقامتها، لأن الذم في هذه الحال راجع على المانع للإمام مما تعبده الله تعالى بإقامته، ولا لوم على موليه وجاعله إماما، والمثال الذي ضربناه فيما تقدم يفرق - أيضا - بين الأمرين، لا يقبح من الحكيم من الملوك أن يرد أمر وزارته إلى من يثق منه بالمعرفة والغناء (3) وإن جوز أن يحول بعض رعاياه بين وزيره وبين كثير من تدبيره وتصرفه، ويقبح منه أن يوليه وهو لا يعلم أحكام الوزارة ولا يحسنها (4).
قال صاحب الكتاب: " ويقال لهم: أليس قد ثبت عنه عليه