الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٢٤
بين من جعل قبح استكفاء الأمر من لا يعلمه ولا يضطلع به راجعا إلى ما يعود به من الضرر وبين المجبرة إذا ادعت أن جميع القبائح كالظلم والكذب وتكليف ما لا يطاق إنما استقبحها العقلاء في الشاهد لما يلحق فاعلها من الضرر أما باستحقاق العقاب، أو باللوم والتهجين من العقلاء، وتطرقت بذلك إلى حسنها من فعل الله تعالى من حيث لم يجز عليه الاستضرار.
فأما قولك: " يجوز أن يكلف القبول من العلماء كما يقال في الفتوى، ويقوله كثير من الناس في حكم الحاكم " فإن العامي إنما يسوغ (1) في العقل أن يكلف القبول من غيره من حيث لم يكن متوليا للحكم فيما جهله ولا منصوبا للقضاء فيه، فجاز أن يرجع فيما لا يعلمه إلى غيره، لأن ذلك فرضه، وليس هذا حكم الإمام لأنه الحاكم في سائر الدين، والمنصوب للقضاء في جميعه، ولو كان (2) بمنزلة العامي في سقوط ولاية الحكم عنه لجاز أن يتساوى منزلتهما في التعبد بالرجوع إلى العلماء.
فأما الحاكم فليس يجوز أن يجهل شيئا مما نصب للحكم فيه ومن نصب حاكما لا معرفة عنده بالحكم كان سفيها وكل ما يجهله الحكام المتولون من قبل الإمام فهو خارج من ولايتهم، وموقوف على حكم الإمام أو حكم غيره ممن له معرفة به.
قال صاحب الكتاب: " فإن قالوا لو جاز في الإمام ما ذكرتم لجاز في الرسول مثله.
قيل لهم: إنا نجيز من جهة العقل كثيرا مما ذكرناه بأن يتعبده الله

(1) خ " إنما ساغ ".
(2) خ " ولو كان يجوز له ما يجوز للعامي ".
(٢٤)
مفاتيح البحث: الضرر (2)، الجهل (1)، الجواز (4)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»