الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٣١
فما الذي يمنع في الإمام أن يرجع في الأحكام التي تعرض (1) حالا بعد حال إلى ما ذكرناه من تعرف الأخبار، أو إلى قول الأمة، أو إلى طريقة الاجتهاد، لأن كل ذلك مما يجوز التعبد به عقلا فسبيلها سبيل انتظار الوحي فجوزوا ذلك، بل جوزوا أن يلزمه الرجوع فيما لا يعلم إلى طريقة العقل، أو يلزمه التوقف عند الشبهة،... " (2).
يقال له: ليس نرتضي السؤال الذي حكيته، ولا نسألك عن مثله، فقد تقدم القول في النبي صلى الله عليه وآله، والسبيل الذي من أجله جاز أن يتوقف في بعض الأحكام، وبينا أنه بعد تكامل شرعه لا يصح أن يذهب عنه العلم بشئ من الأحكام، كما لا يصح ذلك في الإمام إذا استقرت إمامته، ولم يمنع من أن يكون الإمام غير عارف ببعض الأحكام من جهة أنه إذا لم يعلمها لم يكن له سبيل إلى علمها، بل من حيث دللنا على أنه لا يحسن أن يكون واليا للحكم في جميع الدين وهو لا يعلم بعضه، وضربنا له الأمثال الواضحة فلو ثبت في جميع ما ذكرته أنه طريق للعلم (3) ووصله إلينا لم يخل بصحة كلامنا.
وقولك: " جوزوا أن يلزمه الرجوع فيما لا يعلمه إلى طريقة العلم، أو يلزمه التوقف " فقد مضى تقسيمنا له، وأنك إن أردت به رجوعه إلى العقل، أو توقفه فيما لله تعالى فيه حكم مشروع يلزمه القيام به من حيث كان إماما فيه، وحاكما به ليس هو التوقف، ولا الرجوع إلى العقل، فذلك غير جائز لما تقدم، وإن أردت بما ألزمته من التوقف أو الرجوع إلى العقل أن يستعملهما الإمام فيما لا حكم لله تعالى فيه، ولا

(1) غ " تعترض ".
(2) المغني 20 ق 1 / 107.
(3) إلى العلم، خ ل.
(٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 ... » »»