الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٣٩
كثيرة، على أن هذا الخبر الذي حكاه عندنا باطل لا يرجع في نقله إلا إلى آحاد متهمين في الرواية والاعتقاد، ومذهبنا في أخبار الآحاد إذا كانوا من ذوي الثقة والعدالة معروف، فكيف إذا لم يكونوا بهذه الصفة وبمثل هذا الخبر لا يعترض على ما هو معلوم بالأدلة وإنما لم نقدم ما عندنا في بطلان الخبر وسقوطه وبدأنا بتأويله وتخريجه على ما يصح لأن طريق دفعه معلوم وإلا ظهر في إقامة الحجة، وحسم الشبهة ما فعلناه من التأويل الذي أوضحناه أن الخبر لو كان صحيحا لم يكن منافيا لمذهبنا.
فأما ما ادعاه على أمير المؤمنين عليه السلام من الاجتهاد والرجوع من رأي إلى رأي فقد تقدم فساده فيما مضى من الكلام وبينا أن الذي تعلق به عليه السلام من توهم رجوعه عن رأي إلى رأي لا يقتضي ما توهمه فلا حاجة بنا إلى إعادته (1).
قال صاحب الكتاب: " ولا فرق بين من قال إن من جهة العقل يجب في الإمام أن يكون عالما بكل الأحكام وبين من قال: إنه يجب من جهة العقل في كل من يقوم بأمر يتصل بمصالح الدين والدنيا ذاك حتى يقوله في الأمراء والعمال والأوصياء والوكلاء (2) على أنه إذا جاز أن يرد التعبد برجوع العامي إلى العالم في الفتوى مع تجويز الغلط عليه (3) فما الذي يمنع مثله في الإمام والحاكم وإنما نمنع نحن الآن من ذلك سمعا لأن العقل كان يمنع منه... " (4).
يقال له: أما القول في الأمير والحاكم فقد مضى وأما الأوصياء

(1) أنظر ج 1 ص 144 من هذا الكتاب.
(2) غ " والوكلاء وغيرهم ".
(3) أي على العالم.
(4) المغني 20 ق 1 / 108.
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»