الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٢٣
أمر كتابته إلى من لا يحسنها، وإن كان لهما إلى التعرف سبيل من حيث كان في ذلك ضرر عليه وتفويت لمنافعه لأنه لا بد أن يستضر بما يتأخر من تدبير أمر مملكته، ويتمادى من تنفيذ أموره، وليس هذا حكم الإمامة لأن الأحكام التي يتولاها الإمام لا ضرر على الله تعالى في تأخرها ولا على أحد، وإذا كانت العبادة بها في الأصل غير واجبة بالعقل فتأخرها أولى بأن يجوزه العقل.
قيل له: ليس الأمر على ما ظننت، لأنه لو كان قبح هذه الولاية التي قدرناها يرجع إلى استضرار الملك، وفوت منافعه لوجب أن يحسن منه ولاية من ذكرنا حاله على بعض من لا يدخل عليه ضرر في تأخر أمر تدبيره، ولا يلحقه معه شئ من فوت منافعه، وليس هذا التقدير بمستبعد، لأنا نعلم أن رعايا الملك قد تختلف أحوالهم فيما يمس الملك من أمورهم فيكون فيهم من يستضر بتأخر أمر تدبيرهم وسياستهم، وفيهم من لا يكون هذا حكمه وإذا كان جميع العقلاء يستقبحون هذه الولاية وإن لم يعد منها ضرر على الملك كاستقباحهم الأولى (1) علمنا أنه لا معتبر بالضرر (وأنه ليس) (2) علة القبح (3) فقد علم المستكفي بما فوض إليه.
وبعد، فلو قبح ما ذكرناه في الشاهد لما يعود به من الضرر لوجب أن لا يستقبحه من العقلاء إلا من علم بحصول الضرر فيه على المولي، ولوجب أن يكون استقباحهم له من كثرة ما يعود به من الضرر عليه أكثر، ولومهم عليه أعظم حتى يكون الاستقباح تابعا للضرر يزيد بزيادته، وينقص بنقصانه، وكل هذا مما يعلم خلافه، على أنه لا فرق

(1) وهي قبح توليه من يعود الضرر بولايته على المولي.
(2) التكملة لاستقامة المعنى.
(3) في الأصل " وأن علة القبح " ولا يستقيم المعنى إلا بحذف " وإن ".
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»