الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٣٣
السلام وعن أمير المؤمنين عليه السلام أنهما وليا من أخطأ وزل عن الطريق؟ فلا بد من الاقرار بذلك لتواتر الخبر به،... فيقال لهم: فإذا جاز ذلك ولا يوجب فسادا فما الذي يمنع من أن لا يكون الإمام عالما بالأحكام، ويجتهد فيما يتولاه؟ لأنه إذا جاز أن يجتهد فيمن (1) يوليه، ويجوز عليه (2) الغلط فيه جاز أن يجتهد فيما يتولاه، وإن جاز ذلك مع الغلط ولو منع العقل من أحدهما لوجب أن يمنع من الآخر،... " (3).
يقال له: أما خطأ من تولى من قبل الرسول صلى الله عليه وآله، ومن قبل الإمام بعده فظاهر في الرواية، ولو لم يكن أيضا ثابتا بالرواية لكنا نجوزه، ولا نمنع منه، غير أنه لم يثبت أن خطأهم كان عن جهل بما تولوه، بل جائز أن يكونوا تعمدوا ما فعلوه من الخطأ، وذلك هو الصحيح المقطوع عليه عندنا، لأن الإمام لا يجوز أن يولي الأمر من لا يعرفه، ويعلم أحكامه، وإن جاز أن يوليه فتعمد الخطأ فيه.
وقولك: " فما الذي يمنع من أن لا يكون الإمام عالما بالأحكام " فالمانع مما ألزمته قد تقدم وتكرر، وخطأ الولاة من قبله تعمدا (4) جائز لما بيناه من قبل من أن عصمتهم غير واجبة.
وقولك: " لأنه إذا جاز أن يجتهد فيمن يوليه، ويجوز الغلط فيه جاز أن يجتهد فيما يتولاه وإن جاز الغلط " (5) مبني على ظنك أن الإمام

(1) غ " فيما ".
(2) " الغلط " و " عليه " ساقطتان من المغني.
(3) المغني 20 ق 1 / 107.
(4) " تعمدا " حال من الولاة.
(5) لا يخفى أن المرتضى اختصر كلمة القاضي كما هو عادته أحيانا عندما يستعرض كلام القاضي بعد إيراده جملة.
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»