الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ١٧٧
أجيزوا أن لا ينقل ذلك أحد مع ظهوره قياسا على النص لم يكن ذلك معارضة ولا إلزاما صحيحا.
فأما قوله: " فأما أن يكون المتروك نقله هو الأعظم والحاجة إليه أشد فلا يجوز " فإنما يجب ما ذكرناه إذا كانت الحال حال سلامة.
فأما مع ثبوت دواعي الكتمان، واعتقاد الكاتمين أن في نقل ما بالناس إليه حاجة من جهة الدين، وهو أعظم في نفسه ضررا عليهم وفي كتمانه نفعا لهم فلا يجب ما قدره، والقول فيما ضرب به المثل كالقول فيما تقدم، لأن أهل الجامع لو اعتقدوا أن في أخبارهم بالفتنة ضررا عظيما يلحقهم لجاز أن لا يخبر أكثرهم بحالها، وإن أخبروا بقراءة الإمام.
قال صاحب الكتاب في تمام الحكاية عن أبي هاشم: " قال: ولا يمكن أن يفصل بين الأمة وغيرها بأن يقال: إن من تولى الإمامة وسلب الإمام حقه كان يقصد إلى أن يعفي على (1) أخبار النص فلذلك ضعفت وقلت، وذلك لأن الأمر لو كان كما قالوا لكنا نحن وهم شرعا (2) واحدا فكان يجب إذا لم يتصل بنا أن لا يتصل بهم، فكيف يصح والحال هذه أن يدعوا العلم بهذا النص؟ وإن كان ضعف نقله لم يقدح في معرفتهم، فكيف يقدح في معرفتنا؟ على أنه إن أثر في معرفة فقد سقط عنا التكليف فيها على أنا قد بينا بما ذكرناه من الأحوال المنقولة عن الصحابة أنه لم يكن هناك النص الذي ادعوه على أن من عادى أمير المؤمنين عليه السلام بعد ما بويع له، وصار إماما فمعاداته له أظهر ممن تقدم وكيف ضعف نقل النص ولم يضعف نقل رضا الناس به وجعلهم إياه إماما ". قال: " وهذه

(1) يعفي: يغطي، والعفاء: التراب.
(2) يقال: هم شرع - بالتحريك والاسكان أيضا - في الأمر: أي سواء.
(١٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 ... » »»