الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ١٧٢
مختلفة، وعلى وجوه متباينة لساغ الطعن الذي تضمنه السؤال، واحتاج من الجواب إلى غير ما تقدم، وليس له أن يقول أليس الشيعة قد نقلت النص الجلي بألفاظ مختلفة؟ فتارة بلفظ (هذا خليفتي عليكم من بعدي) وتارة بألفاظ (هذا إمامكم) (1) إلى غير هذه الألفاظ، وهي كثيرة مختلفة، لأن هذه الألفاظ وما أشبهها من ألفاظ النص وإن اختلفت فالكل ناقل لها، وكل لفظ منها ينقله جميع الشيعة أو الجماعة التي لا يجوز عليها التواطؤ منهم، ولم نرد بوقوع اللفظ مختلفا من الجماعة التي تقصد إلى الافتعال هذا الوجه، وإنما أردنا أن كل واحد منهم إذا لم يواطئ صاحبه لا بد أن يورد الخبر مخالفا لما يورده الآخر عليه في لفظه وجهته حتى لا يتفق منهم على اللفظ المشابه الصورة خمسة أنفس، بل ربما لم يتفق اثنان، وليس هذه حال المخبرين عن النص لأنا قد بينا أن جميعهم نقل الألفاظ المختلفة، واتفقوا مع كثرتهم على نقلها، ويجب أن يعلم أن غرض المخالف في إلزامنا ظهور أسباب الكتمان ومعرفتها بعينها، أن نلتزم ذلك فيوجب علينا أن تكون الأسباب الموجبة لكتمان النص على أمير المؤمنين عليه السلام ظاهرة لكل أحد، على وجه لا تدخل فيه الشبهة، وتتطرق بانتفاء ظهورها، ووقوف الناس عليها إلى نفي الكتمان الذي تدعيه.
وقد مضى الكلام فيما يجب من ظهور أسباب الكتمان وما لا يجب ويمكن أن يقال للقوم: ما الذي تريدون بإلزامكم ظهور أسباب الكتمان؟
أتريدون أن ظهورها واجب على حد لا يصح دخول الشبهة معه على أحد؟ أم تريدون أنه لا بد أن يقوم عليها دليل من الأدلة وتعرف من وجه من الوجوه وإن صح أن يشتبه الأمر فيها على من لم ينعم النظر؟ فإن

(١) أنظر الغدير ١ ص ١٠ فما بعدها.
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»