الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ١٦٦
فأما إذا كان ما تقدم من إشفاق بعض التجار من أن يخبروا بدخول القرامطة فيمتنع شركاؤهم من تسليم الأمتعة إليهم فهو أبعد من الاستمرار لأن هذا الغرض وإن جوزناه في بعض الجماعات الواردة فمحال أن يكون حاصلا لكل وارد من البصرة، لعلمنا بأن أكثر من يرد لا تجارة له فلا بد أن يظهر ذلك ممن لا غرض له في الكتمان، على أن من أعرض عن ذكر دخول القرامطة من التجار للغرض الذي ذكرناه لا يجوز أن يطمع في استمرار استتار دخولهم عن شركائهم من أهل بغداد، وهم يعلمون أن شركاءهم متى لقوا غيرهم من الواردين علموا دخول القرامطة من جهتهم، وإنما يجعلون الكتمان لذلك والإعراض عن ذكره طريقا لتعجل ما يتسلمونه (7) من جهتهم وتحصيله، ومتى وافقهم الشركاء بعد أن يعرفوا ما كتموه من جهة غيرهم جاز أن يكذبوا بذلك إن تمكنوا ويقولوا: لعل دخولهم كان بعد خروجنا، وهذه أمور تجوز في أحوال وتمتنع في أخرى على حسب الأطماع والظنون والدواعي ومن سبر العادات علم أن الشئ قد يتم ويقصده الجماعة وفي أمثاله في الظاهر ما يبعد تمامه، أو قصد العقلاء لما يختص به كل واحد من الأمرين من الأسباب الباعثة والصارفة.
ثم يقال لصاحب الكتاب: أليس قد ذكرت في باب الأخبار (2) من كتابك هذا عند الكلام في الكتمان أن الجمع العظيم إذا عرف أمرا تدعو الدواعي إلى نقل مثله فغير جائز أن يكتمه ولا يظهره إلا بمواطأة أو بشبهة جامعة على ذلك، أو خيفة أو رهبة إلى ما شاكله؟.
ثم قلت: (ومتى لم تحصل هذه الأمور ولا حصل ما يقوم مقام نقلها وإظهارها فالكتمان غير جائز عليهم) وهذا الكلام يناقض ما حكيته

(1) يلتمسونه، خ ل.
(١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 ... » »»