الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ١٧٦
وما أشبهها لو وقع من قاصد إليه لما اشتبه أمره على أحد، ولظهر انسلاخه عن الاسلام، ولفاته بكتمان ذلك ما قصده وجرى إليه بكتمان غيره، ونحن نعلم أن العادة جارية بأن بعض الأشياء لا يتمكن من كتمانه إلا بإظهار غيره، حتى لو جمع بينهما في الكتمان لفات الغرض، وظهر الأمر، وقد قال بعضهم: " إني لأصدق في اليسير مما يضرني لأكذب في الكثير مما ينفعني ".
فإن قيل: فيجب على ما ذكرتموه أولا أن تشكوا في حصول أسباب داعيه إلى كتمان الفرائض وتجوزوا أن يكون اتفق فيها ما اتفق في النص.
قلنا: قد مضى الفرق بين الأمرين، ودللنا على استحالة ثبوت أسباب كتمان النص فيما ألزمناه، ومما يبطل هذا الاعتراض أنا نعلم وكل عاقل علما لا يخالجنا فيه شك، ولا يعارضنا ريب، أنه صلى الله عليه وآله لم ينص على قبلة وصلاة مخالفة لقبلتنا وصلاتنا، ولا يجوز أن يعتقد عاقل خلاف ما اعتقدناه حتى أنا ننسب من أظهر لنا خلاف ما ذكرناه من الاعتقاد إلى الاختلال ونقصان العقل أو المعاندة، فلو كان حكم النص على أمير المؤمنين عليه السلام حكم النص على صلاة أخرى لوجب أن يكون العلم بانتفائه كالعلم بانتفاء النص على الصلاة التي تقدم ذكرها ويكون حال من أظهر لنا اعتقاد أحد الأمرين كحال من أظهر اعتقاد الآخر وفي العلم بتباين الأمرين، وبعدما بينهما دليل على بطلان إلزامنا تجويز وقوع النص على فرائض لم تنقل قياسا على ما نذهب إليه في النص على أنه إذا قيل لنا: جوزوا أن يتفق في كتمان ما عارضناكم به من الفرائض ما اتفق في كتمان النص كان جوابنا أن نقول: وكان يجب إذا اتفق في أحد الأمرين ما اتفق في الآخر أن ينقل ناقل من جملة الأمة النص على هذه الفرائض المدعاة كما قد نجد ناقلين ينقلون النص، وإذا قيل
(١٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 ... » »»