عددهم مع الخوف على السبيل التي ذكرناها في تغليب السلامة، ثم ذلك وإن جاز وعم الجماعة على بعده فليس يصح استمرار أسباب الخوف مع امتداد الزمان، بل لا بد من أن ترتفع دواعي الخوف أو تضعف أو لزوال إمرة السلطان الذي كان الخوف منه، أو بضعفه، يبين ما ذكرناه علمنا بأن الناس في أيام السلطان القاهر الذي تخاف سطوته، وجرت عادته بالتخويف من إفشاء أسراره وأخباره، والمبالغة في عقاب من يقدم على مخالفته، قد يشكون كثيرا في أخبار بعوثه وجيوشه وما يجري عليهم من هزيمة وقتل وما أشبههما، ولا يقطعون بإمساك من يرد من الجهة التي تلك الجيوش فيها - وإن كانوا جماعة - على انتفاء وقوع الهزيمة بالجيش أو ما أشبهها من المكروه ويجوزون أن يكون إمساك الواردين عن الخبر إنما هو لعلة الخوف من السلطان، وهذه حال الناس كانت في أيام عضد الدولة (1) غير أن الأمر لا بد أن ينكشف على الأيام من بعض الوجوه التي ذكرناها هذا إذا كان الداعي إلى الكتمان الخوف.
(١٦٥)