الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ١٦٥
عددهم مع الخوف على السبيل التي ذكرناها في تغليب السلامة، ثم ذلك وإن جاز وعم الجماعة على بعده فليس يصح استمرار أسباب الخوف مع امتداد الزمان، بل لا بد من أن ترتفع دواعي الخوف أو تضعف أو لزوال إمرة السلطان الذي كان الخوف منه، أو بضعفه، يبين ما ذكرناه علمنا بأن الناس في أيام السلطان القاهر الذي تخاف سطوته، وجرت عادته بالتخويف من إفشاء أسراره وأخباره، والمبالغة في عقاب من يقدم على مخالفته، قد يشكون كثيرا في أخبار بعوثه وجيوشه وما يجري عليهم من هزيمة وقتل وما أشبههما، ولا يقطعون بإمساك من يرد من الجهة التي تلك الجيوش فيها - وإن كانوا جماعة - على انتفاء وقوع الهزيمة بالجيش أو ما أشبهها من المكروه ويجوزون أن يكون إمساك الواردين عن الخبر إنما هو لعلة الخوف من السلطان، وهذه حال الناس كانت في أيام عضد الدولة (1) غير أن الأمر لا بد أن ينكشف على الأيام من بعض الوجوه التي ذكرناها هذا إذا كان الداعي إلى الكتمان الخوف.

(1) عضد الدولة: هو فناخسرو بن الحسن الملقب ركن الدولة ابن بويه الديلمي أبو شجاع تولى ملك فارس ثم ملك الموصل والجزيرة وهو أول من خطب له على المنابر بعد الخليفة قال الزمخشري في ربيع الأبرار: وصف رجل عضد الدولة فقال: " وجه فيه ألف عين، وفم فيه ألف لسان، وصدر فيه ألف قلب " كان شديد الهيبة وكان عالما بالعربية وينظم الشعر ومن آثاره تجديد حرم أمير المؤمنين عليه السلام في النجف الأشرف، وبنى سورا حول مدينة الرسول صلى الله عليه وآله وأنشأ ببغداد البيمارستان العضدي (أي المشفى العضدي) وعمر القناطر والجسور توفي ببغداد سنة 372 ه‍ وحمل إلى النجف الأشرف ودفن فيها وقبره في جهة باب الطوسي من الصحن الشريف ولكن طمست معالمه وضاع في جملة ما ضاع من آثار عاصمة الدين ومثوى أمير المؤمنين وأنا لله وأنا إليه راجعون وقد ذكر أخبار عضد الدولة كثير من المؤرخين وتجدها متفرقة في تاريخ ابن خلكان خصوصا الجزء الرابع منه والكامل لابن الأثير ج 1 / 384 و ج 8 و 9 في أكثر صفحاتهما و ج 10 / 184 و 319.
(١٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»